وكل أمره إلى اللَّه تعالى يسّر اللَّه له ما هو الأحظّ له، والأنفع دنيا وأخرى. (ومنها): أنه لا بأس أن يبعث الرجل لخطبة المرأة له من كان زوجها سابقًا، إذا علم أنه لا يكره ذلك، كما كان حال زيد - رضي اللَّه عنه - مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. (ومنها): فضل زينب - رضي اللَّه تعالى عنها -، حيث زوّجها اللَّه سبحانه وتعالى من رسوله - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولذلك كانت تفتخر على بقية أزواج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقد أخرج البخاريّ عن أنس - رضي اللَّه عنه -، قال: إن زينب بنت جحش - رضي اللَّه تعالى عنها - كانت تفتخر على أزواج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فتقول: زوّجكنّ أهاليكنّ، وزوّجني اللَّه تعالى من فوق سبع سموات". وأخرج ابن جرير في "تفسيره" من طريق المغيرة، عن الشعبيّ، قال: كانت زينب - رضي اللَّه تعالى عنها -، تقول: للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: إني لأُدلي عليك بثلاث، ما من نسائك امرأة تُدلي بهنّ: إن جدّي وجدّك واحد، وإني أَنكحنيك اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- من السماء، وإن السفير جبريل - عليه السلام -. انتهى (١). وهذا مرسل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: مناسبة حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا لَهذا الباب من حيث إن فيه إشارةً إلى أن سبب الفخر الذي نالته زينب - رضي اللَّه تعالى عنها - إنما حصل لها بسبب صلاتها، واستخارتها ربّها، فلما التجأت إليه سبحانه وتعالى، تولّى أمرها بنفسه، فزوّجها من رسوله - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأنزل في شأنها قرآنا يُتلى، فيستحبّ للنساء أن يقتدين بها حتى يحصل لهنّ ما حصل من البركة. واللَّه تعالى أعلم.
ورجال هذا إسناده: أربعة:
١ - (أحمد بن يحيي) بن زكريا الأوديّ، أبو جعفر الكوفيّ العابد، وهو ثقة [١١] ٣٨/ ١٢٧٤.
٢ - (أبو نُعيم) الفضل بن دُكين التيميّ مولاهم الكوفيّ، الثقة الثبت [٩] ١١/ ٥١٦.
٣ - (عيسى بن طهمان) بن رامة الْجُشميّ -بضم الجيم، وفتح المعجمة- أبو بكر البصريّ، نزيل الكوفة، صدوق، أفرط ابن حبّان، والذنب فيما استنكره من حديثه لغيره [٥].
قال عبد اللَّه بن أحمد، عن أبيه: شيخٌ ثقة. وقال حنبل بن إسحاق، عن أحمد بن