أوليائها عنها. فردّ عليها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، بما يأتي.
وفي رواية لأحمد: فقالت: يا رسول اللَّه، إن فيّ ثلاث خصال: أنا امرأة كبيرة، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أنا أكبر منك"، قالت: وأنا امرأة غيور، قال:"أدعو اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، فيذهب غيرتك"، قالت: يا رسول اللَّه، وإني امرأة مُصبيهّ، قال:"هم إلى اللَّه، وإلى رسوله … " الحديث.
(فأَتَى) عمر - رضي اللَّه عنه - (رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ) أي ما ذكرته من الموانع لنكاحه لها (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - لعمر - رضي اللَّه عنه - مبيّنًا أن ما ذكرته ليس مانعًا من النكاح؛ إذ يمكن معالجته، وحلّه على ما يأتي (ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَقُلْ لَهَا: أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى، فَسَأَدعُو اللَّهَ لَكِ، فَيُذهِبُ) من الإذهاب رباعيًّا (غَيْرَتَك) بالنصب على المفعولية (وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ، فَسَتُكفَيْنَ صِبْيَانَكِ) بالبناء للمفعول، من الكفاية، و"صبيانك" بالنصب مفعول ثانَ لـ"تكفين"، كما في قوله تعالى:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} الآية. يعني سيكفيكِ اللَّه تعالى مؤونة صبيانك، وليس إليكِ نفقتهم. وفي رواية لأحمد:"هم إلى اللَّه، ورسوله". وفي رواية:"وأما ما ذكرت من العيال، فإنما عيالك عيالي".
(وَأَمَّا قَوْلُكِ: أَنْ) مخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن مقدّر، وخبرها جملة "ليس"، كِما قال ابن مالك في "الخلاصة":
أي أنّه (لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائي شَاهِدٌ) تقدم توجيهه نصبًا ورفعًا (فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَؤلِيَائِكِ شَاهِدٌ، وَلًا غَائِبٌ) ههنا بالرفع على الوصفيّة لـ"أَحَدِ"، لا غير، وخبر "ليس" قوله (يَكْرَهُ) بفتح الياء، من الكراهة ثلاثيًا (ذَلِكَ) أي نكاحي لك؛ لأن كلّ أحد يحبّ،
بل يُحَاوِلُ بكلّ ما يستطيع أن يكون رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - صهرًا له (فَقَالَت) أم سلمة عند ما ذُكر لها رفع الموانع التي أوردتها؛ اعتذارًا لعدم قبولها الخطبة (لِابْنِهَا: يًا عُمَرُ، قُمْ، فَزَوِّجْ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَزَوَّجَهُ) وهذا محلّ الترجمة، حيث زوّج عمر أمه، أم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنها - من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ففيه إنكاح الابن أمه؛ لكن الحديث لا يصحّ، فلا يكون حجة للمسألة، وأيضًا فإنه كان صغيرًا، كما سنبيّنه، فلا يصلح وليًّا للإنكاح. وقوله (مُختَصَرٌ) خبر لمحذوف، أي هذا السياق مختصر من سياق مطوّل، مشتمل على قصّة لأم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنها -، وقد ساقه الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- في "مسند" بطوله، ولفظه: