للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئًا، فقال رجل من القوم: أصبتُ منهم مِطْهَرة، فقال: ردوها، فإن هؤلاء قوم ضماد.
(فَقَالَ: النَّبيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِنَّ الْحَمْدَ) أي الثناء الجميل (لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ) أي في جميع الأمور (مَنْ يهَدِهِ اللَّهُ) بإثبات ضمير النصب: أي من يوفّقه اللَّه تعالى لاتباع طريق الحقّ (فَلَا مُضِلَّ لَهُ) أي من شيطان، أو نفس، أو غيرهما (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) بحذف ضمير النصب (فَلَا هَادِيَ لَهُ) أي لا أحدَ يهَديه إلى الحقّ، لا من جهة العقل، ولا من جهة النقل، ولا من جهة أحد من الخلق (وَأَشْهَدُ) أي أعلم، وأتيقّن، وأعترف (أَنْ لًا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) تقدّم معنى الشهادتين في "كتاب الأذان" مستوفىً (أَمَّا بَعْدُ) أي أما بعد ما ذُكر من الحمد، وما بعده. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٣٩/ ٣٢٧٩ - وفي "الكبرى" ٧٤/ ٥٥٢٧. وأخرجه (م) في "الجمعة" ٨٦٨ (ق) في "النكاح" ١٨٩٣ (أحمد) في "مسند بني هاشم" ٢٧٤٤ و ٣٢٦٥. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ما يستحبّ أن يقال في خطبة النكاح. (ومنها): أن هذه الخطبة نحو خطبة الحاجة المذكورة في حديث عبد اللَّه ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - التي تقدمت في "كتاب الصلاة". (ومنها): أن فيه استحباب اشتمال الخطبة على الحمد، والثناء والشهادتين. (ومنها): أن فيه استحباب قول "أما بعد" في خطب الوعظ، والجمعة، والعيدين، وغيرها، وكذا في خطب الكتب المصنّفة، وقد عقد الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- بابًا في "صحيحه" وذكر فيه جملة من الأحاديث فيها قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أما بعد".
قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: واختلف العلماء في أول من تكلّم به، فقيل: داود - عليه السلام -. وقيل: يعرب بن قحطان. وقيل: قُسّ بن ساعدة. وقال بعض المفسّرين، أو كثير منهم: إنه فصل الخطاب الذي أوتيه داود- عليه السلام -. وقال المحقّقون: فصل الخطاب