(فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِنَّ أُخْتَكِ لًا تحَلُّ لِي"، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا لَنَتَحَدَّثُ) وفي الرواية التالية:"واللَّه فقد تحدّثنا". وفي رواية البخاريّ:"فإنا نُحَدَّثُ" بضمّ أوله، وفتح الحاء على البناء للمجهول.
قال الحافظ: لم أقف على اسم من أخبر بذلك، ولعله كان من المنافقين، فإنه قد ظهر أن الخبر لا أصل له، وهذا مما يُستَدلُّ به على ضعف المراسيل.
(أنَّكَ تُرِيدُ، أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ) وفي الباب التالي: "فإنه قد بلغني أنك تخطب دَرّة بنت أم سلمة". وهو بضمّ المهملة، وتشديد الراء. وفي رواية حكاها عياضٌ، وخطأها "ذَرَّة" -بفتح المعجمة-. وعند أبي داود من طريق هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة "درّة"، أو"ذرّة" على الشكّ، شكّ زهيرٌ راويه عن هشام. ووقع عند البيهقيّ من رواية الحميديّ، عن سفيان، عن هشام:"بلغني أنك تخطب زينب بنت أبي سلمة". وهو خطأ. ووقع عند أبي موسى في "ذيل المعرفة" حمنة بنت أبي سلمة، وهو خطأ. قاله في "الفتح"(١).
(فَقَالَ:"بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ؟) بتقدير همزة الاستفهام، وهو استفهام استثبات؛ لرفع الإشكال، أو استفهام إنكار، والمعنى: أنها إن كانت بنتَ أم سلمة من أمّ سلمة، فيكون تحريمها من وجهين، كما سيأتي بيانه، وإن كانت من غيرها فمن وجه واحد، وكأنّ أمّ حبيبة لم تطّلع على تحريم ذلك؛ إما لأن ذلك كان قبل نزول آية التحريم، وإما بعد ذلك، وظنّت أنه من خصائص النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -كذا قال الكرمانيّ.
قال الحافظ: والاحتمال الثاني هو المعتمد، والأول يدفعه سياق الحديث، وكأنّ أمّ حبيبة استدلت على جواز الجمع بين الأختين بجواز الجمع بين المرأة وابنتها بطريق الأولى؛ لأن الربيبة حرمت على التأبيد، والأخت حرمت في صورة الجمع فقط، فأجابها - صلى اللَّه عليه وسلم - بأن ذلك لا يحلّ، وأن الذي بلغها من ذلك ليس بحقّ، وأنها تحرم عليه من جهتين.
(فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّهَا رَبِيبَتي) أي بنت زوجتي، مشتقّةٌ من الربّ، وهو الإصلاح؛ لأنه يقوم بأمرها. وقيل: من التربية، وهو غلطٌ من جهة الاشتقاق (فِي حَجْرِي) راعَى فيه لفظ الآية، وإلا فلا مفهوم له، كذا عند الجمهور، وأنه خرج مخرج الغالب، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا. وفي رواية عراك، عن زينب بنت أمّ سلمة، عند الطبرانيّ:"لو لم أنكح أمّ سلمة ما حلّت لي، إن أباها أخي من الرضاعة"، ووقع في