مذهب الجمهور علم تحريم الجمع بين الأم والبنت من باب أولى، وأما إذا قيل بجواز نكاح غير الربيبة التي في الحجر، فقد يخفى حكم الجمع بينهما، فبينه بهذه الترجمة، ووجه دلالة الحديث عليه، أنه إذا حرم الجمع بين الأختين؛ لأجل القطيعة، فلأن يحرم الجمع بين الأمِ والبنت من باب أولى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٣٢٨٦ - (أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ,, أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ, عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ, أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ, زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ, أَنْكِحْ بِنْتَ أَبِي -تَعْنِي أُخْتَهَا- فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «وَتُحِبِّينَ ذَلِكِ؟» , قَالَتْ: نَعَمْ, لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ, وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَتْنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي, فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «إِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ» , قَالَتْ: أُمُّ حَبِيبَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ, وَاللَّهِ لَقَدْ تَحَدَّثْنَا, أَنَّكَ تَنْكِحُ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ, فَقَالَ: «بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ؟» , قَالَتْ: أُمُّ حَبِيبَةَ: نَعَمْ, قَالَ: رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «فَوَاللَّهِ لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي, مَا حَلَّتْ, إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ, أَرْضَعَتْنِي, وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ, فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ, وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، غير شيخه. وهو أبو عبد اللَّه الواسطيّ، نزيل مصر، ثقة عابد [١٠] ٢٠/ ١٣٩٩.
وقوله: "شركتني"، وفي نسخة: "شركني"، وهو -بفتح الشين، وكسر الراء- من باب تعب، يقال: شَرِكتُهُ في الأمر أَشْرَكه شَرِكًا، وشركةً، وزان كَلِمٍ، وكَلِمَة -بفتح الأول، وكسر الثاني-: إذا صرتُ له شَرِيكًا. قاله الفيّوميّ.
والحديث متّفقٌ عليه، وتمام شرحه، والكلام على مسائله تقدما في الباب الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٢٨٧ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ, أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ, قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم: إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ, بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ, مَا حَلَّتْ لِي, إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال الإسناد كلهم رجال الصحيح.
و"الليث": هو ابن سعد الإمام الحجة الثبت المصريّ.
والحديث متّفق عليه، سبق الكلام عليه في الباب الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".