للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسليمان، وعروة. (ومنها): أن سليمان وعروة من الفقهاء السبعة المشهورين بالمدينة، المجموعين في قول بعضهم:

إِذَا قِيلَ مَنْ فِي الْعِلْمِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ … مَقَالَتُهُم لَيْسَتْ عَنِ الْحَقِّ خَارِجَهْ

فَقُلْ هُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ عُرْوَةُ قَاسِمٌ … سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَهْ

(ومنها): أن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - من المكثرين السبعة المجموعين في قولي:

المُكثِرُونَ فِي رِوَايَةِ الخَبَر … مِنَ الصَّحَابَةِ الأَكَارِمِ الْغُرَرْ

أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِيهِ ابْنُ عُمَرْ … فَأَنَسٌ فَزَوجَةُ الْهَادِي الأَبَرُ

ثُمَّ ابْنُ عَباسٍ يَلِيهِ جَابِرُ … وَبَعْدَهُ الْخُدرِيُّ فَهْوَ الآخِرُ.

واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "مَا حَرَّمَتْهُ الوِلَادَةُ) بكسر الواو (حَرَّمَهُ الرَّضَاعُ) بكسر الراء، وفتحها، أي وأباحت ما أباحته، يعني أن الرضيع يصير ولدًا للمرضعة بسبب الرضاع، فيحرم عليه ما يحرُم على ولدها النسبي، ويباح له ما يُباح له.

قال في "الفتح": وهو بالإجماع فيما يتعلّق بتحريم النكاح، وتوابعه، وانتشار الحرمة بين الرضيع، وأولاد المرضعة، وتنزيلهم منزلة الأقارب في جواز النظر، والخلوة، والمسافرة، ولكن لا يترتّب عليه باقي أحكام الأمومة، من التوارث، ووجوب الإنفاق، والعتق بالملك، والشهادة، والعقل، وإسقاط القصاص.

ووقع في رواية: "الرضاعة، تحرّم ما حرّمته الولادة". قال القرطبيّ: وهو دالّ على جواز نقل الرواية بالمعنى، قال: ويحتمل أن يكون النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال اللفظين في وقتين. قال الحافظ: الثاني هو المعتمد، فإن الحديثين مختلفان في القصّة، والسبب، والرواي، وإنما يأتي ما قال إذا اتحد ذلك. وقد وقع عند أحمد من وجه آخر عن عائشة: "يحرُم من الرضاع ما يحرم من النسب، من خال، أو عمّ، أو أخ".

قال القرطبيّ: في الحديث دلالةٌ على أن الرضاع ينشُر الحرمة بين الرضيع والمرضعة وزوجها، صاحب اللبن، أو سيّدها، فإذا أرضعت المرأة صبيًّا حرُمت عليه؛ لأنها تصير أمّه، وأمها لأنها جدّته، فصاعدًا، وأختها؛ لأنها خالته، وبنتها؛ لأنها أخته، وبنت بنتها، فنازلًا؛ لأنها بنت أخته، وكذلك بنت صاحب اللبن؛ لأنها أخته، وبنت بنته فنازلًا؛ لأنها بنت أخته، وأمّه، فصاعدًا؛ لأنها جدّته، وأخته؛ لأنها عمّته، ولا يتعدّى التحريم إلى أحد من قرابة الرضيع، فليست أخته من الرضاعة أختًا لأخيه، ولا بنتًا