قال الترمذيّ في "الجامع" بعد أن أخرجه بلفظ: "أن غيلان بن سلمة الثقفيّ أسلم، وله عشر نسوة في الجاهليّة، فأسلمن معه، فأمره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يتخيّر منهنّ أربعًا".
وقال: هكذا رواه معمر، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، قال: وسمعت محمد ابن إسماعيل يقول: هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى شعيب بن أبي حمزة، وغيره، عن الزهريّ، وقال: حُدّثت عن محمد سُويد الثقفيّ أن غيلان بن سلمة أسلم، وعنده عشر نسوة. قال: محمد: وإنما حديث الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، أن رجلًا من ثقيف طلّق نساءه، فقال له عمر: لتُراجعنّ نساءك، أو لأرجمنّ قبرك كما رُجم قبرُ أبي رِغَال. انتهى (١).
وقال الحافظ في "التلخيص الحبير": وحكم مسلم في "التمييز" على معمر بالوهم فيه، وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه، وأبي زرعة: المرسل أصحّ.
وحكى الحاكم عن مسلم أن هذا الحديث مما وهم فيه معمر بالبصرة، قال: فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة حكمنا له بالصحّة. وقد أخذ ابن حبّان، والحاكم، والبيهقيّ بظاهر هذا الحكم، فأخرجوه من طرق، عن معمر من حديث أهل الكوفة، وأهل الخراسان، وأهل اليمامة عنه.
وقد حقق البحث في هذا الحديث الحافظ أبو الحسن ابن القطّان الفاسيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في كتابه "الوهم والإيهام"، فقال بعد ذكر نحو ما حكاه الترمذيّ عن البخاريّ، وذكر قول أبي عمر: الأحاديث في تحريم نكاح ما زاد على الأربع كلها معلولة: ما نصّه:
وليس في شيء منه تنصيص على علّة حديث غيلان، فنبيّنها كما يريد مضعّفوه، وإن كانت عندي ليست بعلة.
[فاعلم]: أنه حديث مختلف فيه على الزهريّ، فقدم رووه عنه مرسلًا من قبله، كذلك، قال مالك عنه، قال: بلغنا أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لرجل من ثقيف … الحديث. وكذلك رواه معمرٌ عنه، قال:"أسلم غيلان … " مثله من رواية عبد الرزّاق، عن معمر، فهذا قول. وقول ثان، وهو زيادة رجل فوق الزهريّ، وهي إحدى روايتين عن يونس، رواه ابن وهب، عن يونس، عن الزهريّ، عن عثمان بن محمد بن أبي سُويد، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لغيلان حين أسلم، وعنده عشر نسوة … فذكره. وعن يونس فيه رواية أخرى تَبيّن فيها انقطاع ما بين الزهريّ وعثمان. وهذا رواه الليث، عن