عَشْرَ أواق، وطَبَّقَ بيديه، وذلك أربع مائة".
والمراد صداق غالب الناس، الذي يتعاملون به فيما بينهم، وإلا فقد تقدّم أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يتزوّج باثني عشر أوقيّة، ونَشًّا، وأمهر النجاشيّ أم حبيبة - رضي اللَّه تعالى عنها - حين زوّجها للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أربعة آلاف درهم. وكذلك ثبت أيضًا أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - زوّج بأقلّ من ذلك، وقال: "التمس ولو خاتمًا من حديد". وزوّج بسور من القرآن.
(إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي في حياته، ومرأىً، ومَسْمَع منه، ويستفاد منه أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قرّرهم عليه، وفيه أن الصحابيّ إذا قال: كنا نفعل كذا، في عهده - صلى اللَّه عليه وسلم - له حكم الرفع، وهو مذهب جماهير أهل العلم، من المحدّثين وغيرهم، وإلى ذلك أشار الحافظ السيوطي في "ألفيّة الحديث" حيث قال:
وَلْيُعْطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوَابِ … نَحوُ "مِنَ السُّنَّةِ" مِنْ صَحَابِي
"كَذَا أُمِرْنَا" وَكَذَا "كُنَّا نَرَى" … فِي عَهْدِهِ أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى
ثَالِثُهَا إِنْ كَانَ لَا يَخْفَى وَفِي … تَصْرِيحِهِ بِعِلْمِهِ الْخُلْفُ نُفِي
(عَشْرَةَ أَوَاقٍ") أي أربعمائة درهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-٦٦/ ٣٣٤٩ - وفي "الكبرى" ٦٥/ ٥٥١١. وأخرجه (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٨٥٨٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٣٥٠ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ مُقَاتِلِ بْنِ مُشَمْرِخِ بْنِ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أَيُّوبَ, وَابْنِ عَوْنٍ, وَسَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ, وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ, دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ, قَالَ سَلَمَةُ: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ, نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ, وَقَالَ الآخَرُونَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ, عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ, قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "أَلَا لَا تَغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ, فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا, أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, كَانَ أَوْلَاكُمْ بِهِ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ, وَلَا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ, أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً, وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ, حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ, وَحَتَّى يَقُولَ: كُلِّفْتُ لَكُمْ عَلَقَ الْقِرْبَةِ, وَكُنْتُ غُلَامًا عَرَبِيًّا مُوَلَّدًا, فَلَمْ أَدْرِ مَا عَلَقُ الْقِرْبَةِ؟ قَالَ: وَأُخْرَى يَقُولُونَهَا لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ, أَوْ مَاتَ: قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا, أَوْ مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا, وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ, أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا, أَوْ وَرِقًا يَطْلُبُ التِّجَارَةَ, فَلَا تَقُولُوا ذَاكُمْ, وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ, أَوْ مَاتَ, فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ»).