للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقصّة زواجه - صلى اللَّه عليه وسلم - لها، هو ما أخرجه ابن سعد من طريق إسماعيل بن عمرو بن سعيد الأمويّ، قال: قالت أم حبيبة: رأيت في المنام كأن زوجي عبيد اللَّه بن جحش بأسوء صورة، ففزعت، فأصبحت، فإذا به قد تنصّر، فأخبرته بالمنام، فلم يحفل به، وأكبّ على الخمر، حتى مات، فأتاني آتٍ في نومي، فقال: يا أمّ المؤمنين، ففزعتُ، فما هو إلا أن انقضت عدّتي، فما شعرتُ إلا برسول النجاشيّ، يستأذن، فإذا هي جارية، يقال لها: أبرهة، فقالت: إن الملك يقول لك: وكّلي من يزوّجك، فأرسلتُ إلى خالد بن الوليد سعيد بن العاص بن أمية، فوكّلته، فأعطيت أبرهة سوارين من فضّة، فلما كان العشيّ أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب، ومن هناك من المسلمين، فحضروا، فخطب النجاشيّ، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، وتشهّد، ثم قال: أما بعد: فإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - كتب إليّ أن أزوّجه أم حبيبة (١)، فأجبتُ، وقد أصدقتها عنه أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير، فخطب خالد، فقال: قد أجبت إلى ما دعا إليه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وزوّجته أم حبيبة (٢)، وقبض الدنانير، وعمل لهم النجاشيّ طعامًا، فأكلوا، قالت أم حبيبة: فلما وصل إليّ المال أعطيتُ أبرهة منه خمسين دينارًا، قالت: فردّتها عليّ، وقالت: إن الملك عزم عليّ بذلك، وردّت عليّ ما كنتُ أعطيتها أوّلًا، ثم جاءتنى من الغد بعُود، ووَرْسٍ، وعَنبَر، وزَبَاد كثير، فقدِمتُ به معي على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (٣).

(زَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ) -بفتح النون على المشهور. وقيل: تُكسر، وتخفيف الجيم، وأخطأ من شدّدها، وبتشديد آخره. وحكى المطرّزيّ التخفيف، ورجحه الصغانيّ.

وهو ملك الحبشة وقت ذاك، واسمه أصحمة بن أبجر، واسمه بالعربيّة عطيّة، والنجاشيّ لقبٌ له، أسلم على عهد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولم يُهاجر إليه، وكان رِدْئًا للمسلمين نافعًا، وقصّته مشهورة في المغازي في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام، وأخرج أصحاب "الصحيح" قصّة صلاته - صلى اللَّه عليه وسلم - عليه صلاة الغائب من طرق، وتقدّم للنسائيّ في "كتاب الجنائز" -٥٧/ ١٩٤٦. مات -رحمه اللَّه تعالى- في رجب سنة تسع على ما قاله الطبريّ، وجماعة، وقيل: قبل الفتح. ولما مات قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "مات اليوم عبد صالحٌ، فقدموا، فصلّوا عليه". وفي لفظ: "قد مات عبد صالحٌ، يقال له: أصحمة، فقدموا، فصلّوا على أصحمة". وفي لفظ: "إن أخاكم أصحمة النجاشيّ قد تُوفّي، فصلّوا عليه، قال: فوثب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ووثبنا معه حتى جاء


(١) الذي أرسله النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى النجاشيّ، هو عمرو بن أمية الضمريّ. "الإصابة" ١٢/ ٢٦١.
(٢) وحكى ابن عبد البرّ أن الذي عقد لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عليها عثمان بن عفان - رضي اللَّه عنه -. ولما بلغ أبا سفيان أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نكح ابنته، قال: هو الفحل لا يُجدع أنفه.
(٣) راجع "الإصابة" ١٢/ ٢٦٠ - ٢٦٢.