غَنم، وأبو عبد اللَّه الأشعريّ. قال ابن البَرْقيّ، ولّاه عمر على ربع من أرباع الشام، ويقال: إنه طُعِن هو وأبو عُبيدة في يوم واحد، ومات في طاعون عَمَواس، وهو ابن (٦٧)، وحديثه في الطاعون، ومنازعته لعمرو بن العاص في ذلك مشهورة. أخرجه أحمد وغيره. وقال ابن زَبْر: إنه الذي افتتح طَبَريّة. وقال ابن يونس: أرسله النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى مصر، فمات شُرحبيل بها.
(وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِشَيْءِ) يعني أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يمهرها بشيء (وَكَانَ مَهْرُ نِسَائِهِ أَرْبَعَ مِائَةِ دِرْهَمٍ) يعني أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان مقدار مهره الذي يدفعه لنسائه غالبًا أربعمائة درهم، وإنما أمهر أم حبيبة النجاشيُّ كرمًا من عنده تعظيمًا للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.
وهذا يوافق ما تقدّم في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - رقم (٣٣٤٩)"كان الصداق إذ كان فينا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عشرة أواق"، ويخالف حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -: حيث قالت: "كان صداقه اثنتى عشرة أوقيّة وَنَشًّا". ويمكن الجمع بأن حديث أم حبيبة وأبي هريرة - رضي اللَّه عنه - للمهر الذي يتعامل به الصحابة، وحديث عائشة - رضي اللَّه عنها - للمهر الذي يدفعه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ومعنى "كان مهر نسائه" أي نساءِ أصحابِهِ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أم حبيبة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٦٦/ ٣٣٥١ - وفي "الكبرى" ٦٧/ ٥٥١٢. وأخرجه (د) في "النكاح" ٢٠٨٦ (أحمد) في "مسند القبائل" ٢٦٨٦٢. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): جواز دفع أربعة آلاف درهم مهرًا، لمن لا يشق ذلك عليه، وكان عن طيب نفس الدافع. (ومنها): أنه لا يجب على الزوج دفع المهر من ماله، بل لو دفع عنه شخصٌ آخر جاز. (ومنها): ما كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من كريم الأخلاق، وجميل الفعال، حيث كان يسعى في رفع معاناة الضعفاء والمساكين، فإنه لما حلّ بأ حبيبة - رضي اللَّه تعالى - عنها في دار الغربة عناءٌ شديدٌ، وذلك أنه لَمَّا مات زوجها على أسوء حال، حيث ارتدّ عن الإسلام، وتنصّر، فدخلها من ذلك حزن شديد، قام النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بإزالة ذلك عنها، كما فعل بصفية - رضي اللَّه تعالى عنها -، حينما أصيب أبوها، وزوجها في غزوة خيبر، وكانت عروسًا، فوقعت أسيرة تحت قيد الرقّ، فقام - صلى اللَّه عليه وسلم - بإزالة ذلك عنها، فأعتقها، وأدخلها في عداد أمهات المؤمنين، فظهر بذلك مصداق قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَقَدْ