للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غيره، كثيرًا كان، أو قليلًا، وذلك استمالَةً لقلبها، واستجلابًا لمودّتها.

وفي رواية أبي داود: "أن عليًّا لَمّا تزوّج فاطمة أراد أن يدخل بها، فمنعه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - حتى يُعطيها شيئًا … " الحديث.

قال عليّ - رضي اللَّه عنه - (قُلْتُ: ما عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ) "من" زائدة لتأكيد القلّة، أراد الشيء الزائد على الحوائج اللازمة، وإلا فلا يريد أنه لا شيء عنده، لا من الملابس، ومن الطعام، ولا من البيت، ونحو ذلك، إذ معلوم أن هذه الأشياء كانت عند عليّ - رضي اللَّه عنه -، وإلا فلا يجترىء أن يزُفّها إليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وليس عنده شيء، من الفأوى، ولا الطعام، ولا اللباس. واللَّه تعالى أعلم (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (" فأَيْنَ دِرْعُكَ) -بكسر الدال المهملة، وسكون الراء، بعدها عين مهملة-: هي لَبُوس الحديد، تذكّرُ، وتؤنّثُ، يقال: دِرْعٌ سابغٌ، ودرعٌ سابغةٌ، قال أبو الأخْرَز [من الرجز]:

مقَلَّصَا بِالدِّرْعِ ذِي التَّغَضُّنِ (١) … يَمْشِي الْعِرَضْنَى (٢) فِي الْحَدِيدِ الْمُتْقَنِ

والجمع في القلّة: أَدْرُعٌ، وأَدْرَاعٌ، وفي الكثرة: دُرُوعٌ، قال الأعْشَى [من البسيط]:

واختارَ أَدْراعَهُ أَنْ لا يُسَبَّ بِهَا … وَلَمْ يَكُنْ عَهْدُهُ فِيهَا بِخَتَّارِ

وتصغير دِرْع: دُرَيْعٌ، بغير هاء، على غير قياس؛ لأن قياسه بالهاء، وهو شاذٌّ. أفاده

في "اللسان" (٣). فقوله: "أين" اسم استفهام في محلّ رفع خبر مقدّم، لقوله:

"درعُك"، وقوله (الْحُطَمِيَّةُ؟) بالرفع صفة لـ"درعك". و"الْحُطَيّمة" -بضمّ الحاء، وفتح الطاء المهملتين-: قال في "النهاية": هي التي تَحطِم السيوف، أي تكسرها. وقيل: هي العريضة الثقيلة. وقيل: منسوبة إلى بطن من عبد القيس، يقال لهم: حُطَمة بن مُحارب، كانوا يَعمَلون الدِّرْعَ، وهذا أشبه الأقوال انتهى (٤).

(قُلْتُ: هِيَ عِنْدِي، قَالَ: "فأَعْطِهَا إِيَّاهُ") زاد في رواية أبي داود: "فأعطاها درعه، ثم دخل بها". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) أي صاحب التَّثَني، في "القاموس": والغَضْنُ، ويُحرّك: كلّ تثَنٍّ في ثوب، أو جلد، أو درع، جمعه غُضُون اهـ.
(٢) في "القاموس": يمشي العِرَضْنَةَ، والْعِرَضْنَى: أي في مِشْيته بَغْيٌ من نشاطه. اهـ.
(٣) راجع "لسان العرب" ٨/ ٨١ - ٨٢.
(٤) "النهاية" ١/ ٤٠٢.