عبد الله) يعني ابن مسعود رضي الله عنه (يعجبهم قول جرير) بن عبد الله هذا، لكونه مبينا لآية المائدة بأنها لمن لم يلبس الخفين، وذلك لتأخر إسلامه كما بينه بقوله:(وكان إسلام جرير قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بيسير) أي بزمن قليل.
يعني أن أصحاب عبد الله إنما أعجبهم قول جرير هذا؛ لأنه يدل على أن المراد بآية المائدة التي أوجبت غسل الرجلين على من لم يلبس الخفين، وأما هو فله المسح، وذلك: لتأخر رؤيته مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على خفيه.
لأنه من جملة من أسلموا في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أسلم في السنة التي توفي فيها - صلى الله عليه وسلم -. أسلم في رمضان سنة عشر من الهجرة، والآية نزلت في غزوة بني المصطلق سنة أربع، أو خمس، كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
فعند الترمذي من رواية شهر بن حوشب، قال:"رأيت جرير بن عبد الله توضأ، ومسح على خفيه. فقلت له في ذلك؟ فقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح على خفيه. فقلت له: أقبل المائدة أم بعد المائدة؟ فقال ما أسلمت إلا بعد المائدة".
قال الترمذي: هذا: حديث مفسر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخفين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير في حديثه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين بعد نزول المائدة اهـ سنن الترمذي ج ١ ص ٨٤.
وفي رواية أبي داود "أن جريرا بال، ثم توضأ، فمسح على الخفين، وقال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح. قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة" اهـ سنن أبي داود ج ١ ص ١١٨.