للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٣٨٣ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ, عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: "أَقَامَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا, يَبْنِي (١) بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُييٍّ, فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ, فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ, وَلَا لَحْمٍ, أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ, وَأَلْقَى عَلَيْهَا مِنَ التَّمْرِ, وَالأَقِطِ, وَالسَّمْنِ, فَكَانَتْ وَلِيِمَتَهُ, فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ, أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ, فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ, وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ, فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ, وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "إسماعيل": هو ابن أبي كثير المدنيّ. والإسناد من رباعيات المصنّف، وهو (١٧٥) من رباعيات الكتاب.

وقوله: "إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين الخ" قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: استدلّت به المالكيّة، ومن وافقهم على أنه يصحّ النكاح بغير شهود، إذا أُعلن؛ لأنه لو أشهد لم يخف عليهم. وهذا مذهب جماعة من الصحابة، والتابعين، وهو مذهب الزهريّ، ومالك، وأهل المدينة، شرطوا الإعلان، دون الشهادة. وقال جماعة من الصحابة، ومن بعدهم: تشرط الشهادة، دون الإعلان، وهو مذهب الأوزاعيّ، والثوريّ، والشافعيّ، وأبي حنيفة، وأحمد، وغيرهم، وكلّ هؤلاء يشترطون شهادة عدلين، إلا أبا حنيفة، فقال: ينعقد بشهادة فاسقين، وأجمعت الأمة على أنه لو عقد سرًّا، بغير شهود لم ينعقد، وإما إذا عقد سرًّا بشهادة عدلين، فهو صحيح عند الجماهير. وقال مالك: لا يصحّ. واللَّه أعلم انتهى كلام النوويّ (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد سبق تحقيق القول في المسألة، وأن الصحيح قول من قال بوجوب الإعلان؛ لصحّة الأدلّة على ذلك. واللَّه تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وسبق الكلام عليه قريبًا واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه

أنيب".


(١) وفي نسخة: "بنى".
(٢) "شرح النووي على صحيح مسلم" ٩/ ٢٢٨ - ٢٢٩.