للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَقْسِمُ بَيْنَ نِسائِهِ) بفتح حرف المضارعة، يقال: قسمته قَسْمًا، من باب ضرب: إذا فَرَزْته أجزاءً، فانقسم، والموضعُ مَقْسِمٌ، مثلُ مَسْجِدٍ، والفاعل قاسمٌ، وقسّامٌ مبالغةٌ، والاسم القِسمُ بالكسرِ، ويُطلق على الحِصّة، والنصيبِ، فيقال: هذا قِسْمي، والجمع أَقسَامٌ، مثلُ حِمْل وأحمالٍ، واقتسموا المال بينهم، والاسم القِسْمَةُ، وأُطلقت على النصيب أيضًا، وجمعها قِسَمٌ، مثلُ سِدرةٍ وسِدَرٍ، وتجب القِسْمَةُ بين النساء، وقِسْمةٌ عادلةٌ، أي اقتسامٌ، أو قَسْمٌ. قاله الفيّوميّ. ويُستفاد منه أن القَسْم بالفتح، بلا هاء مصدرٌ، والقسمة بالهاء بكسر القاف اسم مصدر، والقسم بالكسر النصيب والحظ. فتنبّه.

(ثُمَّ يَعْدِلُ) بكسر الدال المهملة، من باب ضرب: أي يُسوّي بينهنّ في القسم (ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ هَذَا فِعْلي فِيمَا أَمْلِكُ) أي فيما يستطيع القيام به، من التسوية في المبيت، والكلام، والطعام، واللباس، ونحوها (فَلَا تَلُمْنِي) بضم اللام، أي لا تعاتبني، ولا تؤاخذني. قال الفيّوميّ: لامهُ لَوْمًا، من باب قال: إذا عَذَلَه، فهو ملوم، والفاعل لائمٌ، والجمع لُوَّمٌ، مثلُ راكع ورُكّع، وألامه بالألف لغةٌ، فهو مُلامٌ، والفاعل مُليمٌ، والاسم الْمَلامةُ، والجمع مَلاوِمُ، واللائمةُ مثلُ الْمَلامة، وألام الرجلُ إِلامةً: فعل ما يَستحقّ عليه اللوم. قاله الفيّوميّ (فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ) أي من زيادة المحبّة والميل القلبيّ. قال ابن الهمام: ظاهره أن ما عداه مما هو داخلٌ تحت ملكه، وقدرته يجب التسوية فيه، ومنه عدد الوطآت، والقُبْلات، والتسوية فيهما غير لازمة إجماعا انتهى (١).

وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: فإن قلت: بمثله لا يؤاخذ، ولا يلام غيره - صلى اللَّه عليه وسلم -، فضلًا عن أن يلام هو، إذ لا تكليف بمثله، فما معنى هذا الدعاء؟.

قلت: لعله مبنيّ على جواز التكليف بمثله، وإن رُفع التكليف تفضّلاً منه تعالى، فينبغي للإنسان أن يتضرّع في حضرته تعالى؛ ليُديم هذا الإحسان، أو المقصود إظهار افتقار العبوديّة، وفي مثله لا التفات إلى مثل هذه الأبحاث. واللَّه تعالى أعلم انتهى (٢). وقوله: "أرسله حماد بن زيد" أشار به إلى إعلال رواية حماد بن سلمة هذه بأن حماد بن زيد خالفه في وصلها، فرواها مرسلة، وغرضه بهذا تضعيف هذه الرواية، لكن سيأتي تصحيحه إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:


(١) راجع تحفة الأحوذيّ ٤/ ٢٩٤.
(٢) "شرح السنديّ" ٧/ ٦٤/ ٦٥.