للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظاهر التكرار، فأمضاه عليهم.

وهذا الجواب ارتضاه القرطبيّ، وقوّاه بقول عمر: إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، وكذا قال النوويّ: إن هذا أصحّ الأجوبة.

[الجواب السادس]: تأويل قوله: "واحدة"، وهو أن معنى قوله: "كان الثلاث واحدةً" أن الناس في زمن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كانوا يُطلقون واحدةً، فلما كان زمن عمر كانوا يُطلّقون ثلاثًا، ومُحَصَّله أن المعنى أن الطلاق الموقع في عهد عمر ثلاثًا، كان يوقع قبل ذلك واحدةً؛ لأنهم كانوا لا يستعملون الثلاث أصلاً، أو كانوا يستعملونها نادرًا، وأما في عصر عمر، فكثُر استعمالهم لها، ومعنى قوله: فأمضاه عليهم، وأجازه، وغير ذلك أنه صنع فيه من الحكم بإيقاع الطلاق ما كان يصنع قبله. ورجّح هذا التأويل ابن العربيّ، ونسبه إلى أبي زرعة الرازيّ، وكذا أورده البيهقيّ بإسناده الصحيح إلى أبي زرعة أنه قال: معنى هذا الحديث عندي أن ما تطلّقون أنتم ثلاثًا، كانوا يطلّقون واحدةً. قال النوويّ: وعلى هذا فيكون الخبر وقع عن اختلاف عادة الناس خاصّة، لا عن تغيّر الحكم في الواحدة. فاللَّه أعلم.

[الجواب السابع]: دعوى وقفه، فقال بعضهم: ليس في هذا السياق أن ذلك كان يبلغ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيُقرّه، والحجّة إنما هو في تقريره. وتُعُقّب بأن قول الصحابيّ: "كنا نفعل كذا في عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في حكم الرفع على الراجح؛ حملاً على أنه اطّلع على ذلك، فأقرّه؛ لتوفّر دواعيهم على السؤال عن جليل الأحكام وحقيرها.

[الجواب الثامن]: حمل قوله: "ثلاثًا" على أن المراد بها لفظ البتّة، كما تقدّم في حديث ركانة سواءً، وهو من رواية ابن عباس أيضًا، قال الحافظ: وهو قويّ، ويؤيّده إدخال البخاريّ في هذا الباب الآثار التي فيها البتّة، والأحاديث التي فيها التصريح بالثلاث كأنه يشير إلى عدم الفرق بينهما، وأن البتّة إذا أطلقت حمل على الثلاث إلا إن أراد المطلق واحدة، فيقبل، فكأن بعض رواته حمل لفظ البتّة على الثلاث لاشتهار التسوية بينهما، فرواها بلفظ الثلاث، وإنما المراد لفظ البتّة، وكانوا في العصر الأول يقبلون ممن قال: أردت بالبتة الواحدة، فلما كان عهد عمر أمضى الثلاث في ظاهر الحكم.

قال القرطبيّ: وحجة الجمهور في اللزوم من حيث النظر ظاهرة جدًّا، وهو أن المطلقة ثلاثًا، لا تحلّ للمطلّق حتى تنكح زوجًا غيره، ولا فرق بين مجموعها، ومفرّقها لغة وشرعًا، وما يتخيّل من الفرق صوريّ ألغاه الشرع اتفاقًا في النكاح، والعتق، والأقارير، فلو قال الوليّ: أنكحتك هؤلاء الثلاث في كلمة واحدة انعقد كما لو قال: