فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ, فَدَخَلَ بِهَا, ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَهَا, أَتَحِلُّ لِلأَوَّلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لَا حَتَّى يَذُوقَ الآخَرُ عُسَيْلَتَهَا, وَتَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وقد تقدّموا غير مرّة. وهو مسلسلٌ بالكوفيين، وفيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم، عن بعض: الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعيّ.
والحديث متّفقٌ عليه، وتقدّم في -٤٣/ ٣٢٨٤ - "النكاح الذي تحلّ به المطلّقة ثلاثًا لمطلّقها"، وتقدّم هناك شرحه مستوفًى، وكذا بيان مسائله.
وقوله: "عن رجل طلّق امرأته" أي ثلاثًا. وقوله: "فدخل بها" أي خلا بها، سمّى الخلوة دخولاً، وليس المراد بالدخول الجماع، كما يبيّنه قوله: "ثم طلّقها قبل أن يواقعها".
وقوله: "حتى يذوق الآخر" المراد به غير الأول، لا خصوص هذا الذي طلّقها، فلو
تزوّجت بعد هذا غيره، فجامعها، ثم طلّقها حلّت للأول.
وقوله: "عُسيلتها" تصغير عسل، وإنما أنّثه؛ لأن العسل يؤنّث، ويذكّر، وقيل: على إرادة اللذّة، والمراد لذّة الجماع، لا لذة إنزال الماء، فإن التصغير يقتضي الاكتفاء بالقليل، فلا يشترط الإنزال، كما تقدّم بحثه في الباب المذكور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٤٣٦ - (أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ, إِنِّي نَكَحْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ, وَاللَّهِ مَا مَعَهُ إِلاَّ مِثْلَ هَذِهِ الْهُدْبَةِ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ , لَا, حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ, وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده، وهو ثقة. والثلاثة الأولون مصريّون، والباقون مدنّيون، غير أيوب، فمكيٌّ.
و"الليث": هو ابن سعد إمام أهل مصر. و"أيّوب بن موسى": هو أبو موسى الأمويّ المكيّ الثقة.
وقوله: "ابن الزبير" بفتح الزاي، وكسر الباء الموحّدة.
وقولها: "الهُدْبة" -بضمّ الهاء، وسكون الدال المهملة، جمعه هُدب -بضم، فسكون، وبضمّتين-: خَمْلُ الثوب. أفاده في "القاموس". وفي "زهر الربى": بضم