للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غير مرّة. والنصف الأول منهم بصريون، والثاني مدنيون، وشيخه، أحد المشايخ التسعة الذين روى عنهم أصحاب الكتب الستة بلا واسطة.

وقوله: "من جلبابها" -بكسر الجيم، وسكون اللام، وموحّدتين، بينهما ألف، كسِرْداب، وبكسرتين، وتشديد الموحّدة، كسِنِمَّار-: القميصُ، وثوبٌ واسعٌ للمرأة، دون الْمِلْحَفة، أو ما تُغطّي به ثيابها، من فوقُ، كالْمِلْحَفَة، أو هو الخمار. قاله في "القاموس".

وقوله: "وخالد بن سعيد بالباب، فدم يؤذن له": أي بالدخول على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يعني أنه - رضي اللَّه عنه - كان استأذن، فبينما هو ينتظر الإذن قبل أن يؤذن له سمع كلامها بما يُستحيى من ذكره عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فلم يملك نفسه، فنادى أبا - رضي اللَّه عنه -، وطلب منه أن ينكر عليها ذلك. وفي رواية للبخاريّ في "كتاب اللباس": قال: فسمع خالد بن سعيد قولها، وهو بالباب، فقال: يا أبا بكر ألا تنهى هذه عما تجهر به عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فواللَّه ما يزيد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على التبسّم".

قال في "الفتح": وفيه ما كان الصحابة - رضي اللَّه عنهم - عليه من سلوك الأدب بحضرة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإنكارهم على من خالف ذلك بفعله، أو قوله؛ لقول خالد بن سعيد لأبي بكر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، وهو جالسٌ: "ألا تنهى هذه؟ "، وإنما قال خالد ذلك؛ لأنه كان خارج الْحُجْرة، فاحتمل عنده أن يكون هناك ما يمنعه من مباشرة نهيها بنفسه، فأمر به أبا بكر - رضي اللَّه عنه -؛ لكونه جالسًا عند النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، مشاهدًا لصورة الحال، ولذلك لما رأى أبو بكر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يتبسّم عند مقالتها لم يزجرها، وتبسّمه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان تعجّبًا منها، إما لتصريحها بما يَستحي النساء من التصريح به غالبًا، وإما لضعف عقل النساء؟ لكون الحامل لها على ذلك شدّة بغضها للزَّوْج الثاني، ومحبّتها الرجوع إلى الزوج الأول، وُيستفاد منه وقوع ذلك انتهى (١).

وخالد بن سعيد هذا هو خالد بن سعيد بن العاصي بن أميّة بن عبدشمس الأمويّ، أبو سعيد، أمه أم خالد بنت حُبَاب الثقفيّة، من السابقين الأولين. قيل: كان رابعًا، أو خامسًا، وكان سبب إسلامه رؤيا رآها أنه على شِعب نار، فأراد أبوه أن يرميه فيها، فإذا النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قد أخذ بحُجْزته، فأصبح، فأتى أبا بكر، فقال: أتّبع محمدًا - صلى اللَّه عليه وسلم -، فإنه رسول اللَّه، فجاء، فأسلم، فبلغ أباه، فعاقبه، ومنعه القوت، ومنع إخوته من كلامه، فتعب حتى خرج بعد ذلك إلى الحبشة، فكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، ووُلد له هناك


(١) "فتح" ١٠/ ٥٨٤ - ٥٨٥. "كتاب الطلاق". رقم الحديث -٣٧/ ٥٣١٧ - .