للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ففتح، ومدّ فيهما، زوج عمرو بن حَزْم، أخرج أبو نعيم من طريق حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن عمرو بن حزم طلّق الْغُمَيصاء، فنكحها رجلٌ، فطلّقها قبل أن يمسّها، فأتت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، تسأله أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال: "لا حتى يذوق الآخر من عُسيلتها" … الحديث. قال أبو موسى المدينيّ: هي غير أم سُليم.

وأرود ابن منده حديث ابن عباس هذا في ترجمة أم سليم. قال ابن الأثير: والصواب مع أبي موسى. يعني أن الصواب أن صاحبة القصّة في حديث الباب غير أم سليم والدة أنس - رضي اللَّه تعالى عنهم -.

(أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، تَشْتَكِي) وفي رواية أحمد: "تشكو" (زَوْجَهَا) وقوله (أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا) في تأويل المصدر مجرور بحرف مقدّر، أي في كونه لا يصل إليها، وهو كناية عن عدم جماعها، وإنما كنت عنه لكونه مما يُستحيى عن ذكره، ولا سيّما في مجلس النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَلَمْ يَلْبَثْ) من باب تَعِب، وجاء في مصدره السكون للتخفيف، واللَّبْثة بالفتح المرّة، وبالكسر الهيئة والنوع، والاسم اللُّبْثُ بالضمّ، واللَّبَاثُ بالفتح. قاله الفيّومّي.

ثم هو بالياء التحتانيّة، والضمير للزوج: أي لم يتأخّر، وفي نسخة: "فلم تلبث" بالمثئاة الفوقيّة، والأول أوضح. وفي رواية أحمد: "فما كان إلا يسيرًا، حتى جاء زوجها … ". وقوله (أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا) في تأويل المصدر فاعل "يلبث"، على الأول، أي لم يتأخّر مجيء زوجها عن مجيئها إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -.

(فَقَالَ) الزوج (يَا رَسُولَ اللهِ، هِيَ كَاذِبَةٌ) أي في دعوى عدم الوصول إليها (وَهُوَ يَصِلُ إِلَيْهَا) فيه التفات، إذ الظاهر أن يقول: وأنا أصل إليها، يعني أنه يُجامعها (وَلَكِنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى زَوْجِهَا الأَوَّلِ) أي لمحبّتها له أكثر منه (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لَيْسَ ذَلِكِ) وفي رواية أحمد: "ليس لك ذلك"، والإشارة إلى رجوعها إلى زوجها الأول، أي لا يجوز الرجوع إليه بعد طلاق هذا الزوج لك (حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ) أي حتى يجامعك، وفي رواية أحمد المذكورة: "حتى يذوق عُسيلتكِ رجلٌ غيرُه".

والمراد به الجماع، لا إنزال المنيّ؛ فقد ثبت عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنه -، مرفوعًا: "العسيلة الجماع" (١)، فلا يشترط في التحليل، عند الجمهور، وما نُقل عن بعض السلف من اشترط ذلك، فمردودٌ، كما سبق البحث عنه مستوفًى في -٤٣/ ٣٢٨٤. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه


(١) راوه أحمد في "مسنده" ٦/ ٦٢، وأبو نعيم في "الحلية" ٩/ ٢٢٦. راجع "الإرواء" ٧/ ١٦٣ - ١٦٤ للشيخ الألبانيّ، فإنه قال: والحدبث صحيح المعنى.