للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ عَبدِ اللَّهِ) بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، الْوَاشِمَةَ) فاعلة من الوشم، وهو أن يُغْرَزَ الجلد بإبرة، ثم يُحْشَى بكُحْل، أو نِيلٍ، فَيَزْرَقَّ أَثَرُهُ، أو يَخْضَرَّ. قاله ابن الأثير (١) (وَالْمُوتَشِمَةَ) هي التي يُفعل بها ذلك، وهي راضيةٌ. وفي نسخة: "والمتوشّمة" من التفعّل، وفي أخرى: "والمؤتشمة" بالهمز، والظاهر أنه تصحيف (وَالْوَاصِلَةَ) هي التي تصل الشعر بشيء آخر، سواء كان لنفسها، أو لغيرها. وأخرج مسلم من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -: "زجر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن تصل المرأة بشعرها شيئًا". وبهذا أخذ الجمهور في منع وصل الشعر بشيء آخر، سواء كان شعرًا أم لا. وذهب الليث، ونقله أبو عبيد عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر

بالشعر، وأما بغير الشعر من خرقة وغيرها، فلا يدخل في النهي، والأول أصحّ؛ لحديث جابر - رضي اللَّه عنه - المذكور، وسيأتي تمام البحث في ذلك في محله من "كتاب الزينة، إن شاء اللَّه تعالى (وَالْمَوْصُولَةَ) هي التي يُفعَل بها ذلك عن رضاها. وفي نسخة: و"الْمُوصَلَة"، من أوصله رباعيًّا (وَآكِلَ الرِّبَا) أي آخذ الربا، سواء أكله بعد ذلك، أو لا، وإنما خصّ الأكل؛ لأنه أعظم أنواع الانتفاع، كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} الآية (وَمُوكِلَهُ) بالهمز، ودونه: أي معطيه لمن يأخذه، وإن لم يأكل منه؛ نظرًا إلى أن الأكل هو الأغلب، أو الأعظم كما تقدّم (وَالْمُحَلِّلَ) اسم فاعل من التحليل، ويجوز أن يكون من الإحلال (وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) اسم مفعول من التحليل، ويجوز أيضًا أن يكون من الإحلال. قال ابن الأثير -رحمه اللَّه تعالى-: "لعن اللَّه المحَلِّلَ، والمحلَّلَ له"، وفي رواية: "الْمُحِلَّ، والْمُحَلَّ له". قال: وفي هذه اللفظة ثلاث لغات: حَلَّلتُ، وأحلَّلتُ، وحَلَلْتُ، يقال: حَلَّلَ، فهو مُحَلِّلٌ، ومُحَلَّل له، وأحلّ، فهو مُحِلٌّ، ومُحَلٌّ له، وحَلَلْتُ، فأنا حالٌّ، وهو محلولٌ له. قال: والمعنى في الجميع: هو أن يطلّق الرجل امرأته ثلاثًا، فيتزوّجها رجلٌ آخر على شَرِيطة أن يطلّقها بعد وطئها؛ لتحِلَّ لزوجها الأول. وقيل: سمي مُحَلِّلاً بقصده إلى التحليل، كما يُسمَّى مُشتريًا إذا قصد الشراء. انتهى باختصار (٢).

وقال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: "والْمُحِلُّ، والمُحَلّل له" (٣)، الأول من الإحلال،


(١) "النهاية" ٥/ ١٨٩.
(٢) "النهاية"١/ ٤٣١.
(٣) هكذا نسخة شرح السنديّ، ولعله وقع له لفظ الأول "الْمُحلّ"، من الإحلال، ولفظ الثاني: =