للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَت: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لَقَدْ عُذْتِ) بضمّ العين، من عاذ يعوذ، من باب قال: أي اعتصمت، والتجأت (بِعَظِيمٍ) أي بمُعتَصَم عظيم، وهو اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-. وفي حديث أبي أُسيد: "قد عُذت بمَعاذ" وهو بفتح الميم،: ما يُستعاذ به، أو اسم مكان العوذ. وفي رواية ابن سعد: فِقال بكمّه على وجهه، وقال: "عُذت معاذًا"، ثلاث مرّات. وفي أخرى له: فقال: "أَمِنَ عائذُ اللَّه" (الْحَقِي بِأَهْلِكِ) بفتح الحاء المهملة، أمر من لَحِق يَلْحَق لَحْقًا، ولحَاقًا، بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع، فالهمزة فيه همزة وصل، بخلافها في حديث أبي أُسيد الماضي، بلفظ: "وأَلْحِقها بأهلها"، فإنها همزة قطع؛ لأنها أمر من أُلْحَقَ رباعيّا.

ثم إن قوله: "الحَقي بأهلك" كناية عن طلاقها، وهذا محلّ الشاهد للترجمة، حيث واجهها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالطلاق، فدلّ على أن مواجهة الرجل امرأته بالطلاق جائز. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه البخاريّ.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٤/ ٣٤٤٥ - وفي "الكبرى" ١٥/ ٥٦١٠. وأخرجه (خ) في "الطلاق" ٥٢٥٤ (ق) في "الطلاق" ٢٠٥٠. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان جواز مواجهة الرجل زوجته بالطلاق، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأما حديث: "أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق"، وهو حديث مختلف في وصله، وإرساله، والصحيح أنه مرسل، فإن صحّ فمحمول على ما إذا لم يوجد هناك حاجة لطلاقها، بل طلّقها بدون سبب، (ومنها): أن من قال لامرأته: الحقي باهلك، وأراد به الطلاق طُلّقت، وأما إذا لم يُرد به الطلاق، فلا؛ لحديث كعب بن مالك - رضي اللَّه عنه - الآتي بعد ثلاثة أبواب، إن شاء اللَّه تعالى، فإنه قال لها: "الحقي بأهلك، فكوني فيهم، حتى يقضي اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- في هذا الأمر"، فلم يعدّ ذلك طلاقًا، وسيأتي اختلاف العلماء فيمن قال لامرأته: الحقي بأهلك هناك، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".