للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَتْ) عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - (فَأَرَدْتُ أَنْ أُعْتِقَهُمَا) بضم الهمزة، من الإعتاف رباعيًّا (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (ابْدَئِي بِالْغُلَامِ، قَبْلَ الْجَارَيةِ) أي أعتقي العبد قبل الأمة.

قال الطيبيّ: معناه: كان لعائشة عبد وأمة، وكانت الأمة زوجته، وأرادت أن تُعتقهما، فسألت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بعتق أيّهما أبتدىء؟ فأمرها - صلى اللَّه عليه وسلم - أن تبتدىء بعتق الزوج؛ لأنها لو أعتقت أوّلاً الزوجة لانفسخ النكاح، ولو أعتقت أوّلاً الزوج لا ينفسخ، والإعتاق على وجه يُبقي النكاح أولى انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "لانفسخ النكاح" فيه نظر، إذ لا ينفسخ بمجرّد العتق، وإنما إذا اختارت نفسها، فالأولى أن يقيّده بقوله: إن اختارت نفسها. واللَّه تعالى أعلم.

وقال الخطّابيّ: وفي هذا دلالةٌ على أن الخيار بالعتق إنما يكون للأمة، إذا كانت تحت عبد، ولو كان لها خيارٌ إذا كانت تحت حرّ، لم يكن لتقديم الزوج عليها معنىً، ولا فيه فائدة انتهى (٢).

وقال السنديّ: قيل: أمرها بذلك؛ لئلا تختار الزوجة نفسها، إن بدأت بإعتاقها. قلت: وهذا لا يمنع إعتاقهما معًا، فيمكن أن يقال: بدأ بالرجل؛ لشرفه. انتهى (٣).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا حسنٌ، ولا يضرّه الكلام في ابن موهب؛ فإنه قد روى عنه جماعة، ووثّقه جماعة، وتضعيف من ضعّفه غير مفسّرٍ، فلا ينزل حديثه عن درجة الحسن، كما وصفه بذلك ابن عديّ -رحمه اللَّه تعالى- في كلامه السابق، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٢٨/ ٣٤٧٣ - وفي "الكبرى" ٢٩/ ٥٦٣٩. وأخرجه (د) في "الطلاق" ٢٢٣٧ (ق) في "الأحكام" ٢٥٣٢. واللَّه تعالى أعلم.


(١) "شرح المشكاة" ٦/ ٢٨٦.
(٢) "معالم السنن" ٣/ ١٤٩. بنسخة "مختصر المنذريّ".
(٣) "شرح السنديّ" ٦/ ١٦١ - ١٦٢.