قال بسنده عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن ابن عمر رأى سعد بن أبي وقاص يمسح على خفيه، فأنكر ذلك عبد الله، فقال سعد: إن عبد الله أنكر علي أن أمسح على خُفَّيَّ، فقال عمر، لا يختلجن في نفس رجل مسلم أن يتوضأ على خفيه وإن جاء من الغائط.
قال: وأخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: أنكرت على سعد بن أبي وقاص، وهو أمير بالكوفة المسح على الخفين، فقال: أو علي في ذلك بأس؟ وهو مقيم بالكوفة، قال عبد الله فلما قال ذلك عرفت أنه يعلم من ذلك ما لا أعلم، فلم أرجع إليه شيئا، فلما التقينا عند عمر، قال سعد: استفت أباك فيما أنكرت علي في شأن الخفين، فقلت له: أرأيت أحدنا إذا توضأ، وفي رجليه الخفان في ذلك بأس أن يمسح عليهما؟ فقال عمر: لا، فقلت: وإن ذهب أحدنا إلى الغائط ليس عليه في ذلك بأس أن يمسح عليهما؟ قال ابن جريج: وأخبرنا أبو الزبير قال سمعت ابن عمر يحدث بمثل حديث نافع إياي، وزاد عن عمر: إذا أدخلت رجليك فيهما، وأنت طاهر، اهـ كلام أبي عمر في التمهيد ج ١١ ص ١٤٠، ١٤١.
وفي رواية البخاري: إن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك، فقال نعم، إذا حدثك سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا تسأل عنه غيره.
المسألة الخامسة: في فوائده منها: الدلالة على أن الصفات الموجبة للترجيح إذا اجتمعت في الراوي كانت من جملة القرائن التي إذا حفت خبر الواحد قامت مقام الأشخاص التعددة، وقد يفيد العلم عند البعض دون البعض، وعلى أن عمر كان يقبل خبر الواحد وما نقل عنه من التوقف إنما كان عند وقوع ريبة له في بعض المواضع، واحتج به من قال: بتفاوت رتب العدالة، ودخول الترجيح في ذلك عند التعارض، ويمكن