للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ربّما صُغّر، وإن كان محفوظًا، فتكون نُسبت في الرواية الأخرى لجدّها. وقد تظاهرت الروايات بالأول، ففي مرسل محمد بن كعب القرظيّ عند الطبرانيّ، كانت خولة بنت ثعلبة تحت أوس بن الصامت، فقال لها: أنت عليّ كظهر أمي. وعند ابن مردويه من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس - رضي اللَّه عنه - أن أوس بن الصامت - رضي اللَّه عنه - تظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة. وعنده أيضًا من مرسل أبي العالية: "كانت خولة بنت دُلَيح تحت رجل من الأنصار، سيء الخلُق، فنازعته في شيء، فقال: أنت عليّ كظهر أمي. دُلَيح -بمهملتين، مصغّرًا- لعلّه من أجدادها. وأخرج أبو داود من رواية حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت. ووصله من وجه آخر عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، والرواية المرسلة أقوى. وأخرجه ابن مردويه من رواية إسماعيل بن عياش، عن هشام، عن أبيه، عن أوس بن الصامت، وهو الذي ظاهر من امرأته. ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها، فإن كان حفظه، فالمراد بقوله: "عن أوس بن الصامت"، أي عن قصّة أوس، لا أن عروة حمله عن أوس، فيكون مرسلاً، كالرواية المحفوظة، وإن كان الراوي حفظها أنها جميلة، فلعلّه كان لقبها. وأما ما أخرجه النقّاش في "تفسيره" بسند ضعيف إلى الشعبيّ، قال: المرأة التي جادلت في زوجها هي خولة بنت الصامت، وأمها معاذة أمة عبد اللَّه بن أبيّ التي نزل فيها: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ}. وقوله: "بنت الصامت" خطأٌ، فإن الصامت والد زوجها، كما تقدّم، فلعلّه سقط منه شيء، وتسمية أمها غريبٌ. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

وقال أبو عمر ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى-: روينا من وجوه عن عمر بن الخطّاب - رضي اللَّه عنه - أنه خرج، ومعه الناس، فمرّ بعجوز، فاستوقفته، فوقف، فجعل يُحدّثها، وتحدّثه، فقال له رجلٌ: يا أمير المؤمنين حبست الناس على هذه العجوز، فقال: ويلك، أتدري من هي؟ هذه امرأة سمع اللَّه شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خولة بنت مالك بن ثعلبة التي أنزل اللَّه فيها: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} الآية.

قال: وقد روى خُليد بن دعلج، عن قتادة، قال: خرج عمر من المسجد، ومعه الجارود العبديّ، فإذا بامرأة بَرْزَةٍ، على ظهر الطريق، فسلّم عليها عمر، فردّت عليه السلام، فقالت: هيهات يا عمر، عهدتك، وأنت تسمّى عميرًا في سوق عكاظ، تَزع


(١) "فتح" ١٥/ ٣٢٦ - ٣٢٧. "كتاب التوحيد".