للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خُصّت المرأة بلفظ الغضب؛ لعظم الذنب بالنسبة إليها؛ لأن الرجل إذا كان كاذبًا لم يصل ذنبه إلى أكثر من القذف، وإن كانت هي كاذبةً، فذنبها أعظم؛ لما فيه من تلويث الفراش، والتعرّض لإلحاق من ليس من الزوج به، فتنتشر المحرميّة، وتَثْبُتُ الولاية، والميراث لمن لا يستحقّهما.

واللعان، والالتعان، والملاعنة بمعنًى. ويقال: تلاعنا، والتعنا، ولاعن الحاكم بينهما، والرجل ملاعن، والمرأة ملاعنةٌ؛ لوقوعه غالبًا من الجانبين.

وأجمعوا على مشروعيّة اللعان، وعلى أنه لا يجوز مع عدم التحقّق. واختُلف في وجوبه على الزوج، لكن لو تحقّق أن الولد ليس منه قَوِيَ الوجوب انتهى (١).

وقال البدر العينيّ: ويقال: تلاعنا، والتعنا، ولاعن الحاكم بينهما، والرجل ملاعنٌ، والمرأة ملاعنةٌ، وسمّي به لما فيه من لعن نفسه في الخامسة، وهي من تسمية الكلّ باسم البعض، كالصلاة تُسمّى ركوعًا وسُجودًا. ومعناه الشرعيّ: شهادات مؤكّدات بالأيمان مقرونة باللعن. وقال الشافعيّ: هي أيمان مؤكّدات بلفظ الشهادة، فيُشترط أهليّة اليمين عنده، فيجري بين المسلم وامرأته الكافرة، وبين الكافر والكافرة، وبين العبد وامرأته، وبه قال مالكٌ، وأحمد. وعندنا -يعني الحنفيّة- يُشترط أهليّة الشهادة، فلا يَجري إلا بين المسلمين الحرّين العاقلين البالغين، غير محدودين في قذف. قال: وجُوّز اللعان؛ لحفظ الإنساب، ودفع المعَرَّة عن الأزواج، وأجمع العلماء على صحّته. انتهى المقصود منه (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٤٩٣ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ, وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ, عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ, قَالَ: جَاءَنِي عُوَيْمِرٌ, رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ, فَقَالَ: أَيْ عَاصِمُ, أَرَأَيْتُمْ رَجُلاً, رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً, أَيَقْتُلُهُ, فَتَقْتُلُونَهُ, أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ , يَا عَاصِمُ, سَلْ لِي رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَسَأَلَ عَاصِمٌ, عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَعَابَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - الْمَسَائِلَ, وَكَرِهَهَا, فَجَاءَهُ عُوَيْمِرٌ, فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ يَا عَاصِمُ؟ , فَقَالَ: صَنَعْتُ, أَنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ, كَرِهَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - الْمَسَائِلَ, وَعَابَهَا, قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لأَسْأَلَنَّ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَسَأَلَهُ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِيكَ, وَفِي صَاحِبَتِكَ, فَائْتِ بِهَا» , قَالَ سَهْلٌ: وَأَنَا مَعَ النَّاسِ, عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَجَاءَ بِهَا, فَتَلَاعَنَا, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, وَاللَّهِ لَئِنْ أَمْسَكْتُهَا, لَقَدْ كَذَبْتُ عَلَيْهَا, فَفَارَقَهَا, قَبْلَ أَنْ


(١) "فتح" ١٠/ ٥٥١ حديث رقم ٥٣٠٠.
(٢) "عمدة القاري" ١٧/ ٧٥.