وقوله: "ذود ورق" -بفتح الذال المعجمة، وسكون الواو، آخره قال مهملة-: قال ابن الأنباريّ: سمعت أبا العبّاس يقول: ما بين الثلاث إلى العشر ذَوْدٌ، وكذا قال الفارابيّ. والذود مؤنّثةٌ؛ لأنهم قالوا: ليس في أقلّ من خمس ذود صدقة، والجمع أذوادٌ، مثلُ ثوب وأثواب. وقال في البارع: الذود لا يكون إلا إناثًا. قاله الفيّوميّ.
وقوله: "وُرْق" -بضمّ، فسكون-: جمع أروق، وهو مرفوع صفة لذود. وضُبط في النسخ المطبوعة ضبط قلم بالجرّ، فإن صحّت الرواية به فله وجهٌ على قلّة، وهو أن يضاف إليه "ذودٌ"، من إضافة الموصوف إلى الصفة، كمسجد الجامع، كما قال في "الخلاصة":
وَلَا يُضَافُ اسْمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدْ … مَعْنًى وَأَوِّلْ مُوهِمًا إِذَا وَرَدْ
والحديث متّفقٌ عليه، وقد سبق شرحه، وبيان مسائله في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٥٠٧ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ, حِمْصِيٌّ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَامَ رَجُلٌ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, إِنِّي وُلِدَ لِي غُلَامٌ أَسْوَدُ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟» , قَالَ: مَا أَدْرِي, قَالَ: «فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟» , قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: «فَمَا أَلْوَانُهَا؟» , قَالَ: حُمْرٌ, قَالَ: «فَهَلْ فِيهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ» , قَالَ: "فِيهَا إِبِلٌ وُرْقٌ", قَالَ: «فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟» , قَالَ: مَا أَدْرِي يَا رَسُولَ اللهِ, إِلاَّ أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ, قَالَ: «وَهَذَا لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ» , فَمِنْ أَجْلِهِ قَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - هَذَا لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْتَفِىَ مِنْ وَلَدٍ, وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ, إِلاَّ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّهُ رَأَى فَاحِشَةً").
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، "أحمد بن محمد بن المغيرة": هو الأزديّ الحمصيّ، صدوقٌ [١١] ٦٥/ ٨٥ فإنه من أفراده. و"أبو حيوة": هو شريح بن يزيد الحضرميّ المؤذّن الحمصيّ، ثقة [٩] ١٦/ ٨٩٦.
و"شعيب بن أبي حمزة" دينار الأمويّ مولاهم، أبو بشر الحمصيّ، ثقة ثبتٌ [٧] ٦٩/ ٨٥.
وقوله: "فمن أجله" الظاهر أنه من كلام أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. أي من أجل سؤال هذا الرجل عن قضيّة لا بيّنة فيها، ولا حجة تثبتها، قضى - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه لا يجوز لشخص أن ينتفي من ولد ولدته امرأته، وهي تحته، إلا إذا أثبت أنه رآها تزني، فيجوز له عند ذلك أن يلاعنها، ويفارقها، وينتفي من ولدها.