للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في وجوبه الحرّة، والأمة، والمسلمة، والذمّيّة، والكبيرة، والصغيرة. وقال أصحاب الرأي: لا إحداد على ذمّيّة، ولا صغيرة؛ لأنهما غير مكلّفين. والصحيح قول الجمهور؛ لعموم الأحاديث.

ولا إحداد على غير الزوجات، كأم الولد، إذا مات سيدها، قال ابن المنذر: لا أعلمهم يختلفون في ذلك. وكذلك الأمة التي يطؤها سيدها، إذا مات عنها، ولا الموطوءة بشبهة، ولا المزنيّ بها؛ لحديث الباب، فإنه قال: "إلا على زوج"، فشرط كونه زوجًا.

ولا إحداد أيضًا على الرجعية، ولا نعلم فيه خلافًا بين العلماء؛ لأنها في حكم الزوجات، لها أن تتزين لزوجها، وتستشرف له، ليرغب فيها، كما تفعل في حال النكاح. ولا إحداد أيضًا على المنكوحة نكاحَا فاسدًا؛ لأنها ليست زوجة على الحقيقة.

واختُلف في المطلّقة البائن، فذهب إلى وجوب الإحداد عليها ابن المسيّب، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وهي رواية عن أحمد؛ لأنها معتدّة من بائن من نكاح، فلزمها الإحداد، كالمتوفّى عنها زوجها، وذلك لأن العدّة تحرم النكاح، فحرمت دواعيه.

وذهب عطاء، وربيعة، ومالك، وابن المنذر، والشافعيّ إلى أنه لا يجب عليها الإحداد؛ لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "لا يحلّ لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تُحدّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا"، وهذه عدّة الوفاة، فيدلّ على أن الإحداد إنما يجب في عدة الوفاة (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: المذهب الثاني، وهو عدم وجوب الاحداد على المطلّقة البائن هو الأرجح عندي؛ لقوة دليله، فإن الموجبين لم يأتوا بنصّ، ولا إجماع، فليس لنا دليلٌ نتمسّك به حتى نخرج من البراءة الأصلية. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): فيما تجتنبه المحدّة في زمن إحدادها:

قال أهل العلم يجب عليها أن تجتنب ما يدعو إلى جماعها، ويرغّب في النظر إليها، ويُحسّنها، وذكر من ذلك أشياء:

(فمنها): الطيب، ولا خلاف في تحريمه عند من أوجب الإحداد؛ لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا تمسّ طيبًا إلا عند طهرها، إذا طهرت من حيضتها بنبذة من قسط، أو أظفار". متّفقٌ


(١) راجع "المغني" ١١/ ٢٨٤ - ٢٨٥ و ٢٩٩.