للفاعل، والفاعلُ اسمُ الإشارة، والإشارة إلى الأولى، وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} الآية. (عدّتها في أهلها) بنصب "عدةَ" على أنه مفعول به لـ "نسخت"، يعني أن الآية المذكورة نَسَخَت وجوبَ اعتداد المتوفَّى عنها زوجها المذكورة في الآية الثانية، وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} الآية، فإن هذه الآية توجب عليها أن تعتدّ عند أهل زوجها، فنُسِخَت بالآية الأولى. (فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ) أي في أيّ مكان شاءت، غير بيت زوجها؛ لأن السكنى تبع للعدّة، فلما نُسخ الحول بأربعة أشهر وعشر نُسخت السكنى أيضًا (وَهُوَ) أي المنسوخ حكمه (قَولُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} أي فهذه الآية الثانية التي فيها {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} منسوخة بالآية الأولى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٦١/ ٣٥٥٨ و ٦٩/ ٣٥٧٠ و٣٥٧١ - وفي "الكبرى" ٦١/ ٥٧٢٥٦٩/ ٥٧٣٧ و ٥٧٣٨. وأخرجه (خ) في "التفسير" ٤٥٣١ و"الطلاق" ٥٣٤٤ (د) في "الطلاق" ٢٢٩٨ و٢٣٠١. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في أقوال أهل العلم في آية عدّة الوفاة:
قال أبو عبد اللَّه القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: ذهب جماعة من المفسّرين في تأويل هذه الآية أن المتوفّى عنها زوجها، كانت تجلس في بيت المتوفِّي عنها حولًا، ويُنفَق عليها من ماله ما لم تخرُج من المنزل، فإن خرجت لم يكن على الورثة جُناح في قطع النفقة عنها، ثم نُسخ الحول بالأربعة الأشهر والعشر، ونُسخت النفقة بالربع والثمن في سورة النساء. قاله ابن عبّاس، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، والربيع.
وفي السكنى خلافٌ للعلماء، روى البخاريّ عن ابن الزبير، قال: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} -إلى قوله-: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}، قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها، أو تَدَعُها؟ قال: يا ابن أخي لا أُغيّر شيئًا منه من مكانه. وقال الطبريّ، عن مجاهد: إن هذه الآية محكمة، لا نسخ فيها، والعدّة كانت قد ثبتت أربعة أشهر وعشرًا، ثم جعل اللَّه لهنّ وصيّة منه سُكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة، فإن شاءت المرأة سكنت في وصيّتها، وإن شاءت خرجت، وهو