للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "صحيحه" عن أبي إسحاق، قال كنت مع الأسود بن يزيد، جالسًا، في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كَفًّا من حصى، فحصبه به، فقال: ويلك تُحدّث بمثل هذا؟، قال عمر: لا نترك كتاب اللَّه، وسنة نبينا - صلى اللَّه عليه وسلم - لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت، أو نسيت، لها السكنى والنفقة، قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}.

قالوا: فهذا خبر عمر يُخبر أن سنّة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن لها النفقة والسكنى، ولا ريب أن هذا مرفوع، فإن الصحابيّ إذا قال: "من السنة كذا"، كان مرفوعًا، فكيف إذا قال: "من سنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم؟ "، فكيف إذا كان القائل عمر بن الخطاب؟ وإذا تعارضت رواية عمر - رضي اللَّه عنه -، ورواية فاطمة، فرواية عمر - رضي اللَّه عنه - أولى، ولا سيّما، ومعها (١) ظاهر القرآن، كما سنذكر. وقال سعيد بن منصور: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عمر بن الخطّاب إذ ذُكر عنده حديث فاطمة بنت قيس قال: ما كنّا نغيّر في ديننا بشهادة امرأة.

[ذكر طعن عائشة في خبر فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنهما -]:

في "الصحيحين" من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، قال: تزوّج يحيى بن سعيد بن العاص، بنت عبد الرحمن بن الحكم، فطلّقها، فأخرجها من عنده، فعاب ذلك عليهم عروة، فقالوا: إن فاطمة قد خَرَجت، قال عروة: فأتيت عائشة، فأخبرتها بذلك، فقالت: ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث.

وقال البخاري: فانتقلها عبد الرحمن، فأرسلت عائشة أم المؤمنين، إلى مروان بن الحكم، وهو أمير المدينة، اتَّقِ اللَّهَ وارددها إلى بيتها، قال مروان: إن عبد الرحمن بن الحكم غلبني، وقال: أوما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟، قالت: لا يضرّك أن لا تذكر حديث فاطمة، فقال مروان بن الحكم: إن كان بكِ شرّ، فحسبك ما بين هذين من الشر.

ومعنى كلامه: إن كان خروج فاطمة لما يقال من شرّ كان في لسانها، فيكفيك ما بين يحيى بن سعيد بن العاص، وبين امرأته من الشرّ.

وفي "الصحيحين": عن عروة أنه قال لعائشة: ألم تري إلى فلانة بنت الحكم، طلّقها زوجها البتة، فخرجت، فقالت: بئس ما صنعت، قال: ألم تسمعي في قول


(١) أي مع رواية عمر.