الجيم- قال الفيّوميّ: الرَّجعة بالفتح بمعنى الرجوع، وفلانٌ يؤمن بالرجعة: أي بالعَوْد إلى الدنيا. وأما الرجعة بعد الطلاق، ورجعة الكتاب، فبالفتح، والكسر، وبعضهم يقتصر في رَجْعة الطلاق على الفتح، وهو أفصح. قال ابن فارس: والرجعة: مراجعة الرجل أهله، وقد تكسر، وهو يملك الرجعة على زوجته. وطلاقٌ رِجْعَى بالوجهين أيضًا انتهى.
ثم إن استدلال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- على ما ترجم له بأحاديث الباب واضح، إذ هي صريحة في مشروعيّة الرجعة بعد الطلاق.
قال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: الرجعة ثابتة بالكتاب والستة، والإجماع، أما الكتاب فقدل اللَّه سبحانه وتعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} إلى قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} الآية, [البقرة: ٢٢٨]. والمراد به الرجعة عند جماعة العلماء، وأهل التفسير. وقال تعالى:{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} الآية، [البقرة: ٢٣١] أي بالرجعة، ومعناه: إذا قاربن بلوغ أجلهنّ، أي انقضاء عدّتهنّ.
وأما السنّة، فما روى ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، قال: طلّقت امرأتي، وهي حائض … الحديث. متفق عليه. ثم ذكر حديث طلاق النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حفصة - رضي اللَّه تعالى عنها - الآتي آخر الباب، إن شاء اللَّه تعالى.
قال: وأجمع أهل العلم أن الحرّ إذا طلّق امرأته دون الثلاث، أو العبد إذا طلّق دون الاثنتين، أن لهما الرجعة في العدّة. ذكره ابن المنذر.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا كله فيما إذا كانت المرأة مدخولًا بها، وأما إذا لم تكن مدخولًا بها، فلا رجعة لزوجها إليها.
قال ابن قدامة: أجمع أهل العلم على أن غير المدخول بها تَبِين بطلقة واحدة، ولا يستحقّ مطلّقها رجعتها، وذلك لأن الرجعة إنما تكون في العدّة، ولا عدّة قبل الدخول؛ لقول اللَّه سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}[الأحزاب: ٤٩].
فبيّن اللَّه سبحانه وتعالى أنه لا عدّة عليها، فتبِين بمجرّد طلاقها، وتصير كالمدخول بها بعد انقضاء عدتها، لا رجعة عليها، ولا نفقة لها، وإن رغب مطلّقها فيها، فهو خاطبٌ من الخطاب، يتزوّجها برضاها بنكاح جديد، وترجع إليه بطلقتين، وإن طلّقها، ثم تزوّجها، رجعت إليه بطلقة واحدة، بغير خلاف بين أهل العلم. انتهى المقصود من