للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأزرق بن قيس: تابعي ثقة مأمون مترجم في التهذيب.

وهذا الحديث موقوف على أنس، من فعله، وقوله، ولكن وجه الحجة فيه أنه لم يكتف بالفعل، بل صرح بأن الجوربين (خفان، ولكنهما من صوف)

وأنس بن مالك صحابي من أهل اللغة، قبل دخول العُجْمَة واختلاط الألسنة فهو يبين أن معنى الخف أعم من أن يكون من الجلد وحده، وأنه يشمل كل ما يستر القدم ويمنع وصول (١) الماء إليها إذ أن الخفاف كانت في الأغلب من الجلد. فأبان أنس أن هذا الغالب ليس حصرا للخف في أن يكون من الجلد، وأزال الوهم الذي قد يدخل على الناس من واقع الأمر في الخفاف إذ ذاك ولم يأت دليل من الشارع يدل على حصر الخفاف في التي تكون من الجلد فقط.

وقول أنس في هذا أقوى حجة ألف مرة من أن يقول مثله مؤلف من مؤلفي اللغة كالخليل، والأزهري، والجوهري، وابن سيدَهْ، وأضرابهم، لأنهم ناقلون للغة، وأكثر نقلهم يكون من غير إسناد، ومع ذلك يحتج بهم العلماء. فأولى، ثم أولى إذا جاء التفسير اللغوي من مصدر أصلي من مصادر اللغة، وهو الصحابي العربي من الصدر الأول، بإسناد صحيح إليه.

وقد أشار الإمام ابن القيم إلى مثل هذا المعنى إن لم يكن صريحا تماما


(١) قال العلامة الألباني قلت: لعل هذا القول سبق قلم من العلامة أحمد شاكر رحمه الله، فإنه ليس في أثر أنس المذكور هذا القيد أو الشرط، بل هو أعم من ذلك، بدليل أن الصوف لا يمنع وصول الماء إلى القدم كما هو معلوم بالتجربة فأرى أن الصواب حذف هذا القول من سياق كلام العلامة رحمه الله، لأنه لا دليل عليه كما سبق، ولانه أليق بموضرع رسالة العلامة القاسمي رحمه الله تعالى الذي اختار جواز المسح على الجورب الرقيق وهو الحق وهذا القول ينافيه كما لا يخفى.