للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشبهة الثانية:

بحث بعضهم بأن الدليل من هذا الحديث أخص من الدعوى؛ لأن الحديث يدل على جواز المسح على التساخين في حالة البرد خاصة؛ لأنه جواب السائل في تلك الحالة.

والجواب:

أنه تقرر في الأصول أن اللفظ العام على سبب خاص يحمل على عمومه، ولا يخص بالسبب الذي ورد فيه، قال الإمام أبو إسحاق الشيرازي: والدليل عليه هو أن الحجة في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون السبب، فوجب أن يعتبر عمومه.

وحاصل القاعدة في هذا أن اللفظ الذي يستقل بنفسه يعتبر حكمه، فإن كان خاصا حمل على خصوصه، وإن كان عاما حمل على عمومه، ولا يخص بالسبب الذي ورد فيه. وما يقال في العام يقال في المطلق، لاشتراكهما في الأحكام، كما تقرر في الأصول، وتقرر أيضا أن ترك الاستفصال في حكايته الحال، ينزل منزلة العموم في المقال. ولا يقال: إن الفعل المثبت لا عموم له كما أطلقه الأصوليون؛ لأنه يقال: إن إطلاقهم مقيد بغير نحو أمر أو نهى؛ لأن هذا ليس حكايته لفعله حتى يقال: إنه لم يقع إلا على صفة واحدة، بل حكايته لصدور أمر بشيء، أو نهي عنه عاما في أقسامه البتة كما اختاره ابن الحاجب، وبسطه في المطولات.

ثم إن ما ورد من مسحه - صلى الله عليه وسلم - على الجوربين، وهما من التساخين غير مقيد بحالة لا أمرا منه ولا فعلا، وكذا ما صح من مسحه صلوات الله عليه في الوضوء على عمامته، وهي من العصائب غير مقيد بحالة دون أخرى، وسيأتي مزيد لهذا البحث إن شاء الله.