"أن لا يرتفع" هو الخبر. واللَّه تعالى أعلم.
(أَنْ لَا يَرْتَفِعَ) قال السنديّ: أي برفع الناس إياه، وفي نسخة: "أن لا يُرفع" على بناء المفعول، والمراد رفع الناس، وأما ما رفعه اللَّه، فلا واضع له انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله السنديّ يردّه ما في رواية موسى بن إسماعيل عند البخاريّ بلفظ: "أن لا يرفع شيئًا"، فالصواب أن ما رفعه اللَّه من أمور الدنيا لا بدّ له أن يَتَّضع، ويدلّ لذلك قوله (مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ، إِلاَّ وَضَعَهُ) فالذي يتضع بعد رفعه إنما هو ما كان من أمور الدنيا، وأما ما كان من أمور الآخرة، فلا يزداد إلا رفعة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-١٤/ ٣٦١٥ و ١٦/ ٣٦١٩ - وفي "الكبرى" ١٤/ ٤٤٢٩ و ١٦/ ٤٤٣٣. وأخرجه (خ) " الجهاد والسير" ٢٨٧١ و ٢٨٧٢ و"الرقاق" ٦٥٠١ (د) "الأدب" ٤٨٠٢ (أحمد) "باقي مسند المكثرين" ١١٥٩٩ و١٣٢٤٧. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): جواز المسابقة. (ومنها): جواز اتخاذ الإبل للركوب، والمسابقة عليها. (ومنها): ما كان عليه الصحابة - رضي اللَّه عنهم - من محبّة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وعظمته في صدورهم، بحيث إنهم لا يحبّون أن تُسبق ناقته، ويشُقّ ذلك عليهم؛ لأن ذلك يجعل نفس السابق متعاليًا عليه، ولا سيّما وهو أعرابيٌّ. (ومنها): ما كان عليه الأعراب من الجفاء، والبعد عن التأدب في حضرته - صلى اللَّه عليه وسلم -، إذ الصحابة - رضي اللَّه عنهم - كانوا لا يتجاسرون في التقدّم بين يدي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لا بدّوابّهم، ولا بأرجلهم، ولا بأقوالهم، إلا بإذن منه - صلى اللَّه عليه وسلم -، عملًا بقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية. (ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من حسن الخلق، والتواضع. (ومنها): الحثّ على التواضع. (ومنها): التزهيد في الدنيا؛ الإشارة إلى أن كلّ شيء منها لا يرتفع، إلا اتّضع. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٦١٦ - (أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو, عَنْ أَبِي الْحَكَمِ, مَوْلًى لِبَنِى لَيْثٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «لَا سَبَقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ, أَوْ حَافِرٍ»).