وارث خاصّ، فمنعه الجمهور، وجوّزه الحنفيّة، وإسحاق، وشَريك، وأحمد في رواية" وهو قول عليّ، وابن مسعود، واحتجّوا بأن الوصيّة مطلقةٌ بالآية، فقيّدتها السنّة بمن له وارثٌ، فيبقى من لا وارث له على الإطلاق.
واختلفوا أيضًا هل يُعتبر ثلث المال حال الوصيّة، أو حال الموت؟ على قولين، وهما وجهان للشافعيّة، أصخهما الثاني، فقال بالأول مالكٌ، وأكثر العراقيين، وهو قول النخعيّ، وعمر بن عبد العزيز. وقال بالثاني أبو حنيفة، وأحمد، والباقون، وهو قول عليّ بن أبي طالب - رضي اللَّه تعالى عنه -، وجماعة من التابعين.
وتمسّك الأولون بأن الوصيّة عقد، والعقود تُعتبر بأولها، وبأنه لو نذر أن يتصدّق بثلث ماله اعتُبر ذلك حالة النذر اتفاقًا.
وأجيب بأن الوصيّة ليست عقدًا من كلّ جهة، ولذلك لا تُعتبر بها الفوريّة، ولا القبول، وبالفرق بين النذر والوصيّة بأنها يصحّ الرجوع عنها، والنذر يلزم.
وثمرة هذا الخلاف تظهر فيما لو حدث له مالٌ بعد الوصيّة.
واختلفوا أيضًا هل يُحسب الثلث من جميع المال، أو ينفّذ بما علمه الموصي، دون ما خفي عليه، أو تجدّد له، ولم يعلم به؟، وبالأول قال الجمهور، وبالثاني قال مالك.
وحجة الجمهور أنه لا يشترط أن يستحضر تعداد مقدار المال حالة الوصيّة اتفاقّا، ولو كان عالماً بجنسه، فلو كان العلم به شرطًا لما جاز ذلك. انتهى "فتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
٣٦٥٣ - (أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: مَرِضْتُ مَرَضًا, أَشْفَيْتُ مِنْهُ, فَأَتَانِي رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَعُودُنِي, فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ, إِنَّ لِي مَالاً كَثِيرًا, وَلَيْسَ يَرِثُنِي, إِلاَّ ابْنَتِي, أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ , قَالَ: «لَا» , قُلْتُ: فَالشَّطْرَ؟ , قَالَ: «لَا» , قُلْتُ: فَالثُّلُثَ؟ , قَالَ: «الثُّلُثَ, وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ, إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ, خَيْرٌ لَهُمْ, مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً, يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (عمرو بن عثمان بن سعيد) بن كثير بن دينار القرشي مولاهم، أبو حفص الحمصيّ صدوق [١٠] ٢١/ ٥٣٥.
٢ - (سفيان) بن عيينة، أبو محمد المكي الإمام الثبت الحجة [٨] ١/ ١.
(١) "فتح" ٦/ ٢٠ - ٢١.