مغيرة، عن الشعبيّ الآتي: فاستشفعتُ برسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على غرمائه أن يضعوا من دينه شيئًا" (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (اذْهَبْ، فَبَيْدِرْ) -بفتح الموحّدة، وكسر الدال المهملة: فعل أمر من بيدر الطعام يُبيدِره بيدرةً: إذ كَوّمه. أي اجعل التمر في البيادر، كلَّ صِنْفٍ في بيدر. والْبَيْدَر -بفتح الموحّدة، وسكون التحتيّة، وفتح الدال المهملة-: موضعه الذي يُداس فيه، وهو للتمر، كالْجَرِين للْحَبّ. أفاده في "القاموس"، و"الفتح".
(كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ") وفي رواية مغيرة الآتية: "اذهب فصنّف تمرك أصنافًا، العجوة على حدة، وعِذْق ابن زيد على على حدة، وأصنافه".
(فَفَعَلْتُ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ، كَأَنَّمَا أُغْرُوا بِي) ببناء الفعل للمفعول، من أُغري به: إذا لزمه. قال الفيّوميّ: غَرِيَ بالشيء غَرًى، من باب تَعِبَ: أولِعَ به من حيث لا يحمله عليه حامل، وأغريته به إغراءً، فأغري به بالبناء للمفعول، والاسم الغَرَاء بالفتح والمدّ (تِلْكَ السَّاعةَ) يعني أنهم طالبوه بقضاء ديونهم في تلك الساعة التي جاء النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ليشفع له عندهم في أن يؤخّروه (فَلَمَّا رَأَى) - صلى اللَّه عليه وسلم - (مَا يَصْنَعُونَ) من شدّة المطالبة له (أطَاف) بالهمزة لغة في طاف: أي دار (حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) وفي رواية ابن كعب بن مالك: "فغدا علينا، فطاف في النخل، ودعا في تمره بالبركة"، وفي رواية الذَّيَّال (١) بن حرملة، عن جابر:"فجاء هو، وأبو بكر، وعمر، فاستقرأ النخل، يقوم تحت كلْ نخلة، لا أدري ما يقول، حتى مرّ على آخرها … " الحديث أخرجه أحمد (ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمْ قَالَ:"ادْعُ أَصْحَابَكَ) يعني أصحاب الديون الذين يطالبونه بقضائها، سمّاهمِ أصحابًا؛ لملازمتهم له، كملازمة الصاحب، فهو من التسمية بالضدّ (فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ، حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي) أي دينه الذي جعله أمانة عنده، وأوصاه بقضائه (وَأَنا رَاضٍ، أن يُؤَدِّيَ اللَّه أَمَانَةَ وَالِدِي) يعني أنه كان راغبًا في قضاء ديون أبيه، فقط، بحيث لأ يريد أن يفضل له شيء؛ لاهتمامه بديونه، لكن اللَّه سبحانه وتعالى جعل البركة في دعاء النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ففضل له من ديونه شيء كثير، كما يشير إليه قوله (لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ) برفع "تمرة" على الفاعلية، و"واحدة" صفته، أي كأن الذي بقي بعد قضاء الديون من كثرته كأنه لم يؤخذ منه شيء. وفي رواية زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبيّ الآتية: "فأوفاهم الذي لهم، وبقي مثل ما أخذوا"، وفي رواية مغيرة، عن الشعبيّ الآتية: "ثم بقي تمري كان لم ينقص منه شيء". وفي رواية وهب بن كيسان، عن جابر الآتية: "قال: فما تركت أحدًا له على أبي دينٌ إلا قضيته، وفضل لي ثلاثة عشر وسقًا … " الحديث. وفي رواية: "فأوفاه ثلاثين وسقًا، وفضلت سبعة عشر وسقًا".
قال في "الفتح": وُيجمع بين هذه الروايات بالحمل على تعدّد الغرماء،، فكأن أصل
(١) بالذال المعجمة، ووقع في "الفتح" بالدال المهملة، وهو تصحيف.