للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

علم أنك رسول اللَّه، فلا يحتاج إلى ذلك.

وزعم بعض المتأخّرين أن الرواية بتخفيف اللام، وأن الهمزة فيه للاستفهام التقريريّ، فأنكر عمر عدم علمه بالرسالة، فأنتج إنكاره ثبوت علمه بها، وهو كلام موجّةٌ، إلا أن الرواية إنما هي بالتشديد، وكذلك ضبطها عياضٌ وغيره.

وقيل: النكتة في اختصاص عمر بإعلامه بذلك أنه كان معتنيًا بقصّة جابر مهتمًّا بشأنه، مساعدًا له على وفاء دين أبيه. وقيل: لأنه كان حاضرًا مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لما مشى في النخل، وتحقّق أن التمر الذي فيه لا يفي ببعض الدين، فأراد إعلامه بذلك؛ لكونه شاهد أول الأمر، بخلاف من لم يشاهد.

قال الحافظ: ثم وجدت ذلك صريحًا في بعض طرقه، ففي رواية أبي المتوكّل، عن جابر، عند أبي نُعيم، فذكر الحديث، وفيه: "فإذا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وعمر، فقال: انطلق بنا حتى نطوف بنخلك هذا"، فذكر الحديث. وفي رواية أبي نضرة، عن جابر عنده في هذه القصّة، قال: "فأتاه هو وعمر، فقال: يا فلان خذ من جابر، وأخّر عنه، فأبى، فكاد عمر يبطش به، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: مه يا عمر، هو حقّه، ثم قال: اذهب بنا إلى نخلك " الحديث، وفيه "فأتيت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأخبرته، فقال: ائتني بعمر، فأتيته، فقال: يا عمر سل جابرًا عن نخله"، فذكر القصّة.

ووقع في رواية الذَّيّال (١) بن حرملة أن أبا بكر وعمر جميعًا كانا مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقال في آخره: "قال: فانطلق، فأخبر أبا بكر وعمر،، قال: فانطلقت، فأخبرتهما" الحديث. ونحوه في رواية وهب بن كيسان، عن جابر.

وجمع البيهقيّ بين مُختَلِفِ الروايات في ذلك بأن اليهوديّ المذكور كان له دين من تمر، ولغيره من الغرماء ديون أخرى، فلما حضر الغرماء، وطالبوا بحقوقهم، وكال لهم جابر التمر، ففضل تمر الحائط كأنه لم ينقص شيء، فجاء اليهوديّ بعدهم، فطالب بدينه، فجدّ له جابر ما بقي على النخلات، فأوفاه حقّه منه، وهو ثلاثون وسقًا، وفضلت منه سبعة عشر. انتهى.

قال الحافظ: وهذا الجمع يقتضي أنه لم يفضل من الذي في البيادر شيء، وقد صرّح في الرواية المتقدّمة أنها فضلت كلّها كأنه لم ينقص منها شيء، فما تقدّم من الطريق التي جمعت به أولى. انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) تقدم أنه بالذال المعجمة.
(٢) "فتح" ٧/ ٢٩٤ - ٢٩٥ "كتاب المناقب".