أعلمني به.
وقوله: "فجُعل يُجدّ، وُيكال من أسفل النخل" ببناء الأفعال الثلاثة للمفعول، أي فشرع الناس في جدّه، وكيله للغرماء. وهذه الرواية مخالفة لما مضى، من أن الكيل كان بعد أن جُدّ، وصُنِّف في البيادر، إلا أنه يمكن أن يؤوّل، ويكال من أسفل النخل، أي يكال بعد أن يؤخذ من أسفل النخل، ويجعل في البيدر.
وقوله: "فيما يحسب عمار" بفتح السين المهملة، وكسرها، من باب ضرب، وعلم: أي في ظنّ عمار بن أبي عمار الراوي عن جابر - رضي اللَّه عنه -.
وقوله: "ثم قال: هذا من النعيم" أي قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - هذا الذي أكلتم، من الرُّطَبِ، وشربتم، من الماء من جملة النعيم التي ستسألون عنها يوم القيامة، وهو إشارة إلى قوله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: ٨].
والحديث صحيح، وقد سبق تمام البحث فيه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٦٦٧ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَهَّابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ, عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: تُوُفِّيَ أَبِي, وَعَلَيْهِ دَيْنٌ, فَعَرَضْتُ عَلَى غُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا الثَّمَرَةَ بِمَا عَلَيْهِ, فَأَبَوْا, وَلَمْ يَرَوْا فِيهِ وَفَاءً, فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, قَالَ: «إِذَا جَدَدْتَهُ, فَوَضَعْتَهُ فِي الْمِرْبَدِ, فَآذِنِّي» , فَلَمَّا جَدَدْتُهُ, وَوَضَعْتُهُ فِي الْمِرْبَدِ, أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَجَاءَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ, فَجَلَسَ عَلَيْهِ, وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ, ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ غُرَمَاءَكَ, فَأَوْفِهِمْ» , قَالَ: فَمَا تَرَكْتُ أَحَدًا, لَهُ عَلَى أَبِي دَيْنٌ, إِلاَّ قَضَيْتُهُ, وَفَضَلَ لِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا, فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, فَضَحِكَ, وَقَالَ «ائْتِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ, فَأَخْبِرْهُمَا ذَلِكَ» , فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ, فَأَخْبَرْتُهُمَا, فَقَالَا: قَدْ عَلِمْنَا, إِذْ صَنَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - مَا صَنَعَ, أَنَّهُ سَيَكُونُ ذَلِكَ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الحديث رجال الصحيح، وقد تقدّموا غير مرّة. و"عبد الوهاب": هو ابن عبد المجيد الثقفيّ البصريّ، ثقة [٨]. و"عبيد اللَّه": هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب العمريّ الثقه الثبت المدنيّ [٥]. و"وهب بن كيسان": هو القرشيّ مولاهم أبو نُعيم المعلّم المدنيّ، ثقة، من كبار [٤].
وقوله: "عن حديث عبد الوهّاب" أي من جملة الأحاديث التي حدّثه عبد الوهّاب الثقفيّ.
وقوله: "ولم يروا فيه وفاء" أي لم ير الغرماء ثمار نخله يفي بحقّهم، لقلّتها، وكثر ديونهم.