في ربيع الأول (وَحَضَرَتْ أُمَّهُ) عمرة بنت سعد، وقيل: مسعود بن قيس - رضي اللَّه تعالى عنها - (الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ، فَقِيلَ لَهَا: أَوْصِي) فعل أمر من الإيصاء، مسند إلى ضمير المخاطبة (فَقَالَتْ: فِيمَ أُوصِي؟) أي في أيّ شيء أوصي؟، فإن الوصية تعتمد على المال، ولا مال لي (الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ، فَتُوُفَّيَتْ) بالبناء للمفعول (قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ) بفتح الدال المهملة، من باب تَعِبَ (سَعْدٌ، فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدٌ، ذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ) أي ما اعتذرت به أمه في تركها الوصيّة (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ يَتفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟) بفتح همزة "أن" على أنها مع ما بعدها في تأويل المصدر فاعل "ينفع". وضبط بعضهم بكسر "إن" على أنها شرطيّة، والفاعل ضمير يعود إلى التصدّق المفهوم من "أتصدّق" (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -:: "نَعَمْ") فيه أن التصدّق عن الميت يصل إليه ثوابه (فَقَالَ: سَعْدْ) - رضي اللَّه عنه - (حَائِطُ كَذَا وَكَذَا، صَدَقَة عَنْهَا) الحائط: البستان، وجمعه الحوائط (لِحَائِطٍ سَمَّاهُ) هذا من كلام الراوي، يعني أن سعدًا - رضي اللَّه عنه - ذكر حائطا معيّنًا صدقة لأمه. وفي حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - الآتي:"فإن لي مخْرفًا، فاشهدك أني تصدّقت به عنها"، و"المخرف" بفتح، فسكون: البستان. وفي رواية الحسن الآتية:"قال: فأيّ الصدقة أفضل؟، قال: سقي الماء،، فتلك سِقَاية سعد بالمدينة". ولا تنافي بين الروايتين، لاحتمال أن يكون في داخل الحائط بئر يُستقى منها الماء، فتصدّق بالاثنين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث سعد بن عبادة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٧/ ٣٦٧٧ و٩/ ٦٩١ و ٣٦٩٢ و ٣٦٩٣ - وفي "الكبرى" ٧/ ٦٤٧٧ و ٩/ ٦٤٩١ و ٦٤٩٢ و ٦٤٩٣. وأخرجه (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" ٢١٩٥ و ٢٣٣٣٣ (الموطأ) في "الأقضية" ١٤٨٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".