للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦]، "قالت: أُنزلت في والي اليتيم أن يُصيب من ماله إذا كان محتاجّا بقدر ماله، بالمعروف". وفي لفظ المسلم: "أنزلت في مال اليتيم الذي يقوم عليه، ويصلحه، إذا كان محتاجًا أن يأكل منه". وبه قال عكرمة، والحسن، وغيرهم.

وقيل: لا يأكل منه إلا عند الحاجة، ثم اختلفوا، فقال: عبيدة بن عمرو، وسعيد بن جبير، ومجاهد: إذا أكل، ثم أيسر قضى. وقيل: لا يجب القضاء. وقيل: إن كان ذهئا، أو فضّةٌ، لم يجز أن يأخذ منه شيئًا إلا على سبيل القرض، وإن كان غير ذلك جاز بقدر الحاجة. وهذا أصحّ الأقوال عن ابن عبّاس. وبه قال الشعبيّ، وأبو العالية، وغيرهما. أخرج جميع ذلك ابن جرير في "تفسيره"، وقال هو بوجوب القضاء مطلقًا، وانتصر له.

وذهب الشافعيّ إلى أنه يأخذ أقلّ الأمرين من أجرته، ونفقته، ولا يجب الردّ على الصحيح. أفاده في "الفتح" (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن المذهب الأول هو الأرجح؛ لما تقدّم من قول عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: إنها نزلت في ذلك، فإن تفسير الصحابيّ المتعلّق بسبب النزول في حكم المرفوع، ولأن حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنهما - المذكور في الباب نصّ في ذلك.

والحاصل أن من يقوم بمال اليتيم له أن يأخذ بالمعروف، وقد بينه في حديث الباب بأنه ما لا إسراف فيه، ولا تبذير، ولا أن يتّخذ منه رأس مال، بل يأخذ لحاجته فقط، وأنه لا يجب عليه الرّدّ إذا أيسر؛ لأن الشارع حين أذن له بالأكل أذن له مطلقًا، ولم يوجب عليه الردّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٦٩٦ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ, عَنْ عَطَاءٍ, وَهُوَ ابْنُ السَّائِبِ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] , وَ {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] , قَالَ: اجْتَنَبَ النَّاسُ مَالَ الْيَتِيمِ, وَطَعَامَهُ, فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ, فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} إِلَى قَوْلِهِ: ({لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠]).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (أحمد بن عثمان بن حكيم) الأوديّ الكوفيّ، ثقة [١١] ١٦٠/ ٢٥٢.


(١) "فتح" ٦/ ٤٨ - ٤٩. "كتاب الوصايا".