كان بالمدينة، لا في محلّ السفر، والجمع بلا سفر، لا يجوز عند القائلين به، إلا ببعض الأعذار، وهي غير ظاهرة ههنا، سيّما لتمام الجماعة الحاضرة، فلا بدّ من الحمل على الجمع فعلاً، بأن أخّر الأولى، فصلّاها في آخر وقتها، وقدّم الثانية، فصلّاها في أول وقتها، أو الجمع مكانًا، بمعنى أنه قعد في ذلك المكان، حتى فرغ من الصلاتين، فصلّى الظهر في وقتها، ثم قعد يتحدّث معهم حتى صلّى العصر في ذلك المكان. واللَّه تعالى أعلم. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لا مانع من حمله على ظاهره، فقد صحّ جمعه - صلى اللَّه عليه وسلم - بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة، في غير خوف ولا مرض، قد صحّ من حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -، وهو حديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم في "كتاب الصلاة" برقم -٥٨٩ - وفي رواية مسلم: قيل ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -: لم فعل ذلك؟، قال: كي لا يُحرج أمته، وفي رواية: أراد أن لا يُحرج أمته، فدلّ على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يجمع بين تلك الصلوات أحيانًا، بيانًا للجواز، فحمل ما في هذه القصّة إن صحّت على هذا الظاهر لا يبعُد لكنها لا تصح، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
والحديث من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-٥/ ٣٧٨٥ - وفي "الكبرى" في ٥/ ٦٥٩٣ - وهو حديث ضعيف؛ للجهالة في رواته، كما تقدّم في تراجمهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٧٨٦ - (أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً, إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ, أَوْ أَنْصَارِيٍّ, أَوْ ثَقَفِيٍّ, أَوْ دَوْسِيٍّ").
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تقدّم في الحديث الماضي أن مناسة الباب للحديث غير ظاهرة، فليُتأمّل.
ورجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (أبو عاصم، خُشيش بن أصرم) النسائيّ، ثقة حافظ [١١] ٤٤/ ٥٩٠.
٢ - (عبد الرزّاق) بن همّام الصنعانيّ، ثقة حافظ مصنف شهير، عمي في آخره، فتغير، وكان يتشيّع [٩] ٧٧/ ٦١.
٣ - (معمر) بن راشد، أبوعروة الصنعاني، ثقة ثبت [٧] ١٠/ ١٠.
٤ - (ابن عجلان) محمد المدني، صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة [٥] ٣٦/ ٤٠.
٥ - (سعيد) بن أبي سعيد كيسان المقبريّ، أبو سَعْد المدني، ثقة، تغيّر قبل موته