روى (٢٦٣٠) حديثًا، وهذا كله قد تكرر في هذا الشرح غير مرّة، وإنما أعدته تذكيرًا؛ لطول العهد به. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "مَن كَانَ حَالِفًا) أي مريدًا للحدف (فَلَا يَحلِف إِلَّا بِاللَّهِ) قال العلماء: السرّ في النهي عن الحلف بغير اللَّه أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي للَّه وحده. وظاهر الحديث يقتضي تخصيص الحلف باللَّه خاصة، لكن اتفق الفقهاء على أن اليمين تنعقد باللَّه، وذاته، وصفاته العليّة، واختلفوا في انعقادها ببعض الصفات، كما سبق، وكأن المراد بقوله: "باللَّه" الذات، لا خصوص لفظ "اللَّه"، وأما اليمين بغير ذلك، فقد ثبت المنع منها، وهو للتحريم على الأرجح، وسيأتي البحث فيه قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى.
(وَكَانَتْ قُرَيْشٌ) القبيلة المعروفة (تَحْلِفُ بِآبَائِهَا، فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ) وفي الرواية التالية: "إن اللَّه ينهاكم أن تحلفوا بأبائكم". وفي رواية الليث، عن نافع عند البخاريّ: "فناداهم رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ". ووقع في مصنّف ابن أبي شيبة من طريق عكرمة، قال: "قال عمر. حدّثتُ قومًا حديثًا، فقلت: لا وأبي، فقال رجلٌ من خلفي: لا تحفلوا بآبائكم، فالتفتْ، فإذا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول:"لو أن أحدكم حلف بالمسيح هلك، والمسيح خير من آبائكم". قال الحافظ: وهذا مرسل يتقوّى بشواهده. وقد أخرج الترمذيّ من وجه آخر، عن ابن عمر أنه سمع رجلاً يقول: والكعبةِ، فقال: لا تحلف بغير اللَّه، فإني سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول:"من حلف بغير اللَّه فقد كفر"، أو "أشرك". قال الترمذيّ: حسنٌ، وصححه الحاكم. والتعبير بقوله:"فقد كفر"، أو "أشرك" للمبالغة في الزجر، والتغليظ في ذلك، وقد تمسّك به من قال بتحريم ذلك، وهو الحقّ، كما سيأتي في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٤/ ٣٧٩١ و ٣٧٩٢ و ٥/ ٣٧٩٣ و ٣٧٩٤ و ٣٧٩٥ - وفي "الكبرى" ٤/