للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[قلت]: حكايته له عن نفسه من ضرورة تبليغ هذه القصّة، وروايتها، وأيضًا فقد يريد نفي حكايته كلام الحالف به بعد النهي عنه، وأما هو فإنما حلف به قبل النهي عنه. وجوّز الحافظ العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى- في معنى قوله: "آثرًا" وجهين آخرين:

[أحدهما]: أن يكبرن معناه مُختارًا، يقال: أثر الشيء: اختاره، وعلى هذا فيكون قوله؛ "ذاكرًا"، من الذُّكر بالضمّ خلاف النسيان، أي ما حلفت بها ذاكرًا اليمين، غير مجبر، ولا مختار، مريدًا لذلك.

[ثانيهما]: أن يكون معنى قوله: "آثرًا" أي على طريق التفاخر بالآباء، والإكرام لهم، يقال: آثره أي أكرمه، لكن على عادة العرب في النطق بذلك، لا على سبيل التعظيم والإكرام انتهى. ذكره الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى- (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد سبق القول فيه قريبًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٧٩٤ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَاللَّفْظُ لَهُ, قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ", قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا بَعْدُ, ذَاكِرًا, وَلَا آثِرًا).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخيه، وهما ثقتان. و"سفيان": وابن عيينة.

والحديث متّفقٌ عليه، وسبق القول فيه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٧٩٥ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ -وَهُوَ ابْنُ حَرْبٍ- عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ", قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا بَعْدُ, ذَاكِرًا, وَلَا آثِرًا).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، وهو حمصيّ ثقة. و"محمد بن حرب": هو الحمصيّ المعروف بالأبرش. و"الزُّبيدي" - بضمّ الزاي، مصغّرًا -: هو محمد بن الوليد أبو الهُذيل الحمصيّ الحافظ الحجة، من أثبت من روى عن الزهريّ.


(١) "طرح التثريب" ٧/ ١٤٥ - ١٤٦.