للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَال: قَالَ: رَسُولُ - صلى اللَّه عليه وسلم -: (لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ) تقدّم أن المراد به المخلوقات مطلقًا، وإنما خصّ الآباء بالذكر، إما لكونه ورد عَلى سبب، وهو قصَّة عمر - رضي اللَّه عنه - المتقدّمة، وإما أن يقال: خرج مخرج الغالب، فإن الغالب فيهم أن يحلفوا بآبائهم، كما تقدّم قوله: "وكانت قريشٌ تحلف بآبائها". واللَّه تعالى أعلم (وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ) هكذا زاد في هذا الحديث الحلف بالأمهات، وهو مما يؤيّد ما قلناه آنفًا من المراد من النهي عن الحلف بالآباء الحلف بغير اللَّه تعالى، وكذا قوله (وَلَا بِالأَنْدَادِ) بفتح الهمزة: جمع نِدّ بكسر النون، وتشديد الدال المهملة، مثلُ حِمْل وأحمال، قال الفيّوميّ: النِّدّ بالكسر المثل، والنَّدِيد مثله، ولا يكون النِّدّ إلا مخالفًا. انتهى. والمراد هنا الأصنام، والأوثان، وكلّ ما عُبد من دون اللَّه تعالى (وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا باللَّهِ) أي باسم بن أسمائه الحسنى، أو صفة من صفاته العُليا, وليس المراد خصوص هذا اللفظ (وَلَا تَحْلِفوا إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ) فيه تحريم الحلف كاذبًا، وهو من الكبائر، إن تعلق به حقّ، لما سيأتي للمصتف في "كتاب تحريم الدم" -وأخرجه البخاريّ أيضًا - من حديث عبد اللَّه بن عمرو، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "الكبائر: الإشراك باللَّه، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغَمُوس". وقد فُسّر "اليمين الغَموس" في الحديث، فقد ثبت في رواية زيادة: "وما اليمين الغموس؟ " قال: "التي تَقتطع مال امرئ مسلم، هو فيها كاذب"، والسائل هو فراس بن يحيى، والمجيب هو الشعبيّ، كما بين في "صحيح ابن حبّان"، قاله الحافظ في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.

(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٦/ ٣٧٩٦ - وفي "الكبرى" ٦/ ٤٧١٠. وأخرجه (د) في (الأيمان والنذور" ٣٢٤٨. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو تحريم الحلف بالأمهات.


(١) "فتح" ١٣/ ٤١٠.