للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لتكفّر عنه القول الذي جرى على لسانه. قال النوويّ: وهذا هو الصواب، وعليه يدلّ ما في رواية مسلم: "فليتصدّق بشيء"، وزعم بعض الحنفيّة أنه يلزمه كفّارة يمين، وفيه ما فيه. انتهى

وقال القرطبيّ: القول فيه كالقول في اللات؛ لأنهم كانوا اعتادوا المقامرة، وهي من أكل المال بالباطل، ولما ذمها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالغ في الزجر عنها، وعن ذكرها، حتّى إذا ذكرها الإنسان طالبًا للمقامرة بها أمره بصدقة.

والظاهر وجوبها عليه؛ لأنها كفارة مأمور بها، وكذلك قول لا إله إلا اللَّه على من قال: واللاتِ.

ثم هذه الصدقة غير محدودة، ولا مقدّرة، فيتصدّق بما تيسر له مما يصدق عليه الاسم، كالحال في صدقة مناجاة الرسول - صلى اللَّه عليه وسلم - في قوله تعالى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} الآية [المجادلة: ١٢]، فإنها غير مقدّرة. وقال الخطّابيّ: يتصدّق بقدر ما أراد أن يقامر به، وليس في اللفظ ما يدلّ عليه، ولا في قواعد الشرع، ولا للعقل مجالٌ في تقدير الكفّارات، فهو تحكّم. وأبعد من هذا قولُ من قال من الحنفيّة: إن المراد بها كفّارة اليمين. وهذا فاسدٌ قطعًا؛ لأن كفّارة اليمين ما هي صدقة فقط، بل عتقٌ، أو كسوةٌ، أو إطعامٌ، فإن لم يجد فصيامٌ، فكيف يصحّ أن يقال: أطلق الصدقة، وهو يُريد به إطعام عشرة مساكين، وأنه مخيّرٌ بينه وبين غيره، من الخصال المذكورة معه في الآية؛. وأيضًا فإنه لا يتمشّى على أصل الحنفيّة المتقدّم الذكر، فإنهم قالوا: لا تجب الكفّارة إلا بالحنث في قوله: يهوديّ، أو نصرانيّ، إلى غير ذلك، مما ذكروه، وهذا حكم معلّقٌ على نطق بقولٍ ليس فيه يمين، ولا التزام، وإنما هو استدعاءٌ للمقامرة، فأين الأرض من السماء؟، والعرش من الثرى؟. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (١) وهو تحقيق نفيس. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١١/ ٣٨٠٢ - وفي "الكبرى" ١١/ ٤٧١٦. وأخرجه (خ) في


(١) "المفهم" ٤/ ٦٢٦ - ٦٢٧.