للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ) سعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه عنه -، أنه (قَالَ: كُنَّا نَذْكُرُ بَعْضَ الْأَمْرِ, وَأَنَا حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ) أي قريب الدخول إلى الإسلام، ولم تزل منه آثار الجاهليّة، والجاهليّة: ما قبل الإسلام، مما كانت فيه العرب، من الجهل باللَّه سبحانه وتعالى، وبأحكامه، حتى أخرجها اللَّه تعالى من ذلك الضلال ببعث النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فيهم (فَحَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى) أي جرى ذلك منه على العادة، وليس قاصدًا لذلك، كما يُرشد إليه السياَق (فَقَالَ لِي أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي الرواية التالية: "أصحابي"، ولا تنافي بينهما؛ وإن أصحاب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - هم أصحابه (بِئْسَ مَا قُلْتَ) أي من الحلف باللات، والعزّى، فإنه منكرٌ من القول، وزورٌ، وفي الرواية التالية زيادة: "قُلتَ هُجرًا"، وهو -بضمّ الهاء، وسكون الجيم-: هو القبيح من الكلام (ائْتِ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبِرْهُ، فَإِنَّا لَا نَرَاكَ إِلَّا قَدْ كَفَرْتَ) هذا ظنّ من الصحابة - رضي اللَّه عنهم -، أدّاهم إليه شدّة بغضهم لما كانوا عليه من الجهل باللَّه تعالى، وبأحكامه، فظنّوا أن من قال ذلك، ولو كان غير قاصد يكفر به (فَأَتَيْتُهُ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَأَخْبَرْتُهُ) أي بما جرى له من الحلف المذكور (فَقَالَ: لِي: " قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) زاد في الرواية التالية: "له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير". وفي نسخة: (إسقاط جملة: "لا شريك له" (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) إنما أمره بتكرارها -واللَّه أعلم- مبالغة في التبرّي من الأصنام (وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ) أي لأن هذا من عمله؛ إذْ هو الحامل على المنكر من القول والفعل، كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٦٩] (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَاتْفُلْ) -بضمّ الفاء، وكسرها، أمر من تفل، من بابي ضرب، وقتل، يقال: بزَق، ثم تفَل، ثم نَفَث، ثم نَفَخ. قاله الفيّومي. أي فالتَّفْل أشدّ من البَزْق، ويليه النَّفْثُ، ويليه النفخ (عَنْ يَسَارِكَ) وفي نسخة: "عن شمالك"، وإنما أمره بالتفل في يساره؛ لأنه موقف الشيطان، من الإنسان، فإن اليمين للملك، واليسار للشيطان، ويشهد له ما أخرجه مسلم في "صحيحه" من طريق أبي الزبير، عن جابر - رضي اللَّه عنه -، عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أنه قال: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ باللَّه من الشيطان ثلاثا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه".

ويؤيّده أيضًا ما رواه أبو هريرة - رضي اللَّه عنه -، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فلا يبصق أمامه، فإنما يناجي اللَّه ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه، فإن عن يمينه ملكا, وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه، فيدفنها"، متّفقٌ عليه، وقد بُيَّنَ كونُ