للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجوهويّ. انتهى.

ووقع في رواية بلفظ: "خمس ذود" قال النوويّ: لا منافاة بينهما، إذ ليس في ذكر الثلاث نفي للخمس، والزيادة مقبولة. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قال ابن التين: اللَّه أعلم أيهما يصحّ. قال الحافظ: لعلّ الجمع بينهما يحصل من الرواية التي بلفظ: "خذ هذين القرينين، وهذين القرينين، وهذين القرينين"، فلعلّ رواية الثلاث باعتبار ثلاثة أزواج، ورواية الخمس باعتبار أن أحد الأزواج كان قرينه تبعًا، فاعتدّ به تارة، ولم يعتد به أُخرى. ويمكن الجمع بأنه أمر لهم بثلاث ذَوْد أوْلًا، ثم زادهم اثنين، فإن لفظ زَهْدَم: "ثم أتي بنهب ذَوْد، غُرَّ الذُّرَى، فأعطاني خمس ذود"، فوقعت في رواية زَهْدَم جملة ما أعطاهم، وفي رواية غيلان، عن أبي بردة مبدأ ما أمر لهم به، ولم يذكر الزيادة. وأما رواية "خذ هذين القرينين ثلاث مرار"، وفي لفظ "ستة أبعرة" فيمكن أن تكون السادسة تبعًا, ولم تكن ذروتها موصوفة بذلك، كما تقدّم. أفاده في "الفتح" (٢).

(فَلَمَّا انْطَلَقْنَا) أي ذهبنا من عند النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفي رواية: "فاندفعنا"، وفي رواية: "فلبثنا غير بعيد" (قَالَ: بَعْضُنَا لِبَعْضٍ) وفي رواية للبخاري: "فقلت لأصحابي"، وفي رواية: "قلنا: ما صنعنا"، فيجمع على أنهم تكلّموا فيما بينهم، والبادىء هو أبو موسى - رضي اللَّه عنه - (لَا يُبَارِكُ اللَّهُ لَنَا) أي فيما أعطانا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - من الذود، إن سكتنا عن ذلك، ولم نعرفه، ثم بين سبب عدم البركة بقوله (أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَسْتَحْمِلُهُ, فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا) أي ثم حملنا بعد الحلف، فإن هذا مما لا يرضاه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-. وفي رواية ابن عليّة عند البخاريّ: "نسي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يمينه، واللَّه لئن تغفلنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يمينه، لا نُفلح أبدًا"، وفي رواية عبد السلام: "فلما قبضناها، قلنا: تغفّلنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يمينه، لا نفلح أبدًا"، ووقع في رواية زيادة قول أبي موسى - رضي اللَّه عنه - لأصحابه: "لا أدعكم حتى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -"، يعني في منعهم أوْلًا، وإعطائهم ثانيًا إلى آخر القصة. قال القرطبيّ: فيه استدراك جبر خاطر السائل الذي يؤدّب على الحاجة بمطلوبه إذا تيسّر، وأن من أخذ شيئًا يَعلَم أن المعطي لم يكن راضيًا بإعطائه، لا يُبارك له فيه.

(قَالَ أَبُو مُوسَى) - رضي اللَّه عنه - (فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ) وفي رواية ابن عليّة عند البخاريّ: "فرجعنا، فقلنا: يا رسول اللَّه أتيناك نستحملك، فحلفت أن لا تحملنا، ثم


(١) "شرح مسلم" ١١/ ١١٣.
(٢) راجع "الفتح" ١٣/ ٤٦٨.