بالضرب، وللزم بطلان الإقرارات، والطلاق، والعتق، فيستثني من أقرّ، أو طلّق، أو أعتق بعد زمان، ويرتفع حكم ذلك، فالأولى تأويل ما نُقل عن ابن عبّاس وغيره من السلف في ذلك.
وإذا تقرّر ذلك، فقد اختُلِفَ، هل يُشترط قصد الاستثناء من أول الكلام، أولاً، حَكَى الرافعي فيه وجهين، ونُقل عن أبي بكر الفارسيّ أنه نقل الإجماع على اشتراط وقوعه قبل فراغ الكلام، وعلّله بأن الاستثناء بعد الانفصال ينشأ بعد وقوع الطلاق مثلاً، وهو واضحٌ، ونقله معارض بما نقله ابن حزم أنه لو وقع متّصلاً به كفى، واستدلّ بحديث ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - رفعه:"من حلف، فقال: إن شاء اللَّه، لم يحنث"، واحتجّ بأنه عقّب الحلف بالاستثناء باللفظ، وحينئذ يتحصّل ثلاث صور: أن يقصد من أوله، أو من أثنائه، ولو قبل فراغه، أو بعد تمامه، فيختصّ نقل الإجماع بأنه لا يفيد في الثالث، وأبعد من فَهِم أنه لا يفيد في الثاني أيضًا، والمراد بالإجماع المذكور إجماع من قال: يُشترط الاتصال، وإلا فالخلاف ثابتٌ، كما تقدّم واللَّه أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: دعوى الإجماع هنا، لا وجه له، كما يظهر لمن تتبّع الأقوال في هذه المسألة، إلا أن يدّعى لأهل مذهب معيّن أنهم أجمعوا على ذلك، فليُتأمل. واللَّه تعالى أعلم.
وقال ابن العربيّ: قال بعض علمائنا: يشترط الاستثناء قبل تمام اليمين، قال: والذي أقول: إنه لو نوى الاستثناء مع اليمين لم يكن يمينًا, ولا استثناء، وإنما حقيقة الاسثناء أن يقع بعد عقد اليمين، فيحلّها الاستثناء المتّصل باليمين. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي الذي قاله ابن العربيّ -رحمه اللَّه تعالى- هو الأشبه مما ادعاه من سبق قوله من الإجماع على خلافه. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.
واتّفقوا على أن من قال: لا أفعل كذا إن شاء اللَّه، إذا قصد به التبرّك فقط، ففعل يحنث، وإن قصد به الاستثناء، فلا حنث عليه.
واختلفوا إذا أطلق، أو قدّم الاستثناء على الحلف، أو آخّره، هل يفترق الحكم؟، وقد تقدّم في الطلاق.
واتّفقوا على دخول الاستثناء في كلّ ما يُحلَف به، إلا الأوزاعيّ، فقال: لا يدخل في الطلاق، والعتق، والمشي إلى بيت اللَّه، وكذا جاء عن طاوس، وعن مالك مثله، وعنه إلا المشي. وقال الحسن، وقتادة، وابن أبي ليلى، والليث: يدخل في الجميع، إلا الطلاق. وعن أحمد: يدخل الجميع إلا العتق. واحتجّ بتشوف الشارع له. وورد فيه حديث عن معاذ - رضي اللَّه عنه - رفعه: "إذا قال لامرأته: أنت طالقٌ إن شاء اللَّه، لم تطلق، وإن