للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن في رواية هشام بن يوسف، عن ابن جريج عند البخاريّ في "التفسير" زيادة: "وقد حلفت، لا تُخبري بذلك أحدًا"، فهذه الزيادة -كما قال القرطبيّ- تبيّن على أن الكفّارة التي أُشير إليها في قول تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} هي اليمين التي أشار إليها بقوله: "حلفت"، فتكون الكفّارة لأجل اليمين، لا لمجرّد التحريم، قال الحافظ: وهو استدلالٌ قويّ، فعلى هذا فلا يتمّ الاستدلال للمصنّف، ولا لمن ذهب هذا المذهب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٨٢٢ - (أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: زَعَمَ عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ (١)، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ, فَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ, أَنَّ أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ, فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا, فَقَالَتْ:: ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: "لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا, عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ, وَلَنْ أَعُودَ لَهُ"، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] إِلَى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ}: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ, {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: ١ - ٣] لِقَوْلِهِ: "بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متفق عليه، وقد تقدّم سندًا ومتنًا في "كتاب عشرة النساء" -٤/ ٣٤٠٩ - "باب المغيرة"، وتقدّم شرحه مستوفًى هناك، وكذا بيان المسائل المتعلّقة به، فراجعه تستفد.

و"الحَسَنُ بْنُ مُحَمدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ": هو أبو علي البغدادي، صاحب الشافعي الثقة [١٠]. و"حجّاج": وابن محمد الأعور المصَّيصيّ الثقة الثبت [٩]. و"ابن جريج": هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي الثقة الفاضل، لكنه يدلس [٦].

و"عطاء": هو ابن رباح المكي الإمام الحجة المشهور [٣]. و"عبيد بن عمير": هو الليثي، أبو عاصم المكي "المجمع على توثيقه [٢].

وقولها: "فتواصيتُ" أي توافقتُ. وقولها: "مغافير" هو شيء كريه الرائحة، وكان من عادة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الاحتراز عما له رائحة كريهة.

ودلالة الحديث على ما بوّب له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- قد تقدّم بيانه في الكلام على الترجمة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) وقع في بعض النسخ: "عبيد اللَّه بن عمير"، وهو غلط فاحش، فتنبّه.