للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في موضع آخر: وإنما أمر الناذر في حديث أنس - رضي اللَّه عنه - (١) أن يركب جزمًا، وأمر أخت عقبة أن تمشي، وأن تركب؛ لأن الناذر في حديث أنس كان شيخًا ظاهر العجز، وأُخت عقبة لم توصف بالعجز، فكأنه أمرها أن تمشي إن قدرت، وتركب إن عجزت، وبهذا ترجم البيهقيّ للحديث، وأورده في بعض طرقه من رواية عكرمة، عن ابن عبّاس: أن أخت عقبة نذرت أن تحُجّ ماشية، فقال: "إن اللَّه غنيّ عن مشي أختك، فلتركب، ولتُهد بدنة". وأورده من طريق أخرى بلفظ: "ولتُهد هديًا"، ووهم من نسب إليه أنه أخرج هذا الحديث بلفظ: "ولتهد بدنة". وأورده من طريق أخرى عن عكرمة بغير ذكر الهدي. وأخرجه الحاكم من حديث ابن عبّاس بلفظ: جاء رجلٌ، فقال: إن أختي حلفت أن يتمشي إلى البيت، وإنه يشق عليها المشي، فقال: "مُرْها، فلتركب إذا لم تستطع أن تمشي، فما أغنى اللَّه أن يشقّ على أختك". ومن طريق كريب، عن ابن عبّاس: جاء رجل، فقال: يا رسول اللَّه، إن أختي نذرت أن تحُجّ ماشيةٌ، فقال: "إن اللَّه لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، لتحُج راكبةً، ثم لتكفّر يمينها". وأخرجه أصحاب السنن من طريق عبد اللَّه بن مالك، عن عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه -، قال: نذرت أختي أن تحُجّ ماشيةٌ, غير مختصرة، فذكرتُ ذلك لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: "مُر أختك، فلتختمر، ولتركب، ولتصُم ثلاثة أيام".

ونقل الترمذيّ، عن البخاريّ أنه لا يصحّ فيه الهدي. وقد أخرج الطبرانيّ من طريق أبي تَميم الجَيْشانيّ، عن عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه - في هذه القصّة: نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافيةٌ، حاسرةَ، وفيه: "لتركب، ولتلبس، ولتصم". وللطحاويّ من طريق أبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن عقبة نحوه. وأخرج البيهقيّ بسند ضعيف، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: بينما رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يسير في جوف الليل، إذ بصر بخيال، نفرت منه الإبل، فهذا امرأة عريانه، نافضةٌ شعرها، فقالت: نذرتُ أن أحجّ ماشيةً عريانةً، نافضة شعري، فقال: "مرها، فلتلبس ثيابها, ولتُهرق دمًا". وأورد من طريق الحسن، عن عمران، رفعه: "إذا نذر أحدكم أن يحجّ ماشيًا، فليُهد هديًا, وليركب"، وفي سنده انقطاع. انتهى (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) حديث أنس - رضي اللَّه عنه - هو ما يأتي للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى-٣٨٧٩ - من طريق ثابت، عن أنس، قال: رأى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - رجلاً، يُهادى بين رجلين، فقال: "ما هذا؟ "، قالوا: نذر أن يمشي إلى بيت اللَّه، قال: "إن اللَّه غني عن تعذيب هذا نفسه، مره، فليركب".
(٢) "فتح" ١٣/ ٤٤٩. "كتاب الأيمان والنذور" رقم الحديث -٦٧٠١.