للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وما ذهب إليه المصنّف، والبخاريّ، هو مذهب الجمهور، وهو الصحيح. ونقل محمد ابن نصر المروزيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "كتاب الاختلاف" عن أبي حنيفة وأصحابه فيمن نذر أن يتصدّق بماله كلّه: يتصدّق بما تجب فيه الزكاة، من الذهب، والفضّة، والمواشي، لا فيما ملكه مما لا زكاة فيه، من الأرض، والدُّور، ومتاع البيت، والرقيق، والحمير، ونحو ذلك، فلا يجب عليه فيها شيء. ونصّ أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- على أن من قال: مالي في المساكين إنما يُحمل ذلك على ما نواه، أو غلب على عرفه، كما لو قال ذلك أعرابيّ، فإنه لا يحمل ذلك إلا على الإبل. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الأدلّة الكثيرة التي تقدّم بيانها ترجّح مذهب الجمهور، كما قرّرناه آنفًا، فهو الراجح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣٨٥٤ - (قَالَ: الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, عَامَ خَيْبَرَ, فَلَمْ نَغْنَمْ إِلَّا الْأَمْوَالَ, وَالْمَتَاعَ, وَالثِّيَابَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ, لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, غُلَامًا أَسْوَدَ, يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، فَوُجِّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, إِلَى وَادِي الْقُرَى, حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، بَيْنَا مِدْعَمٌ, يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -, فَجَاءَهُ سَهْمٌ, فَأَصَابَهُ, فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كَلَّا, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ, لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا", فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ, جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ، أَوْ بِشِرَاكَيْنِ, إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "شِرَاكٌ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (الحارث بن مسكين) بن محمد الأمويّ مولاهم، أبو عمرو المصريّ القاضي، ثقة فقيه [١٠] ٩/ ٩.

٢ - (ابن القاسم) عبد الرحمن الْعُتَقيّ، أبو عبد اللَّه المصريّ الفقيه، صاحب مالك، ثقة، من كبار [١٠] ١٩/ ٢٠.

٣ - (مالك) بن أنس، إمام دار الهجرة، رأس المتقنين، وكبير المتثبتين [٧] ٧/ ٧.

٤ - (ثور بن زيد) الدِّيليّ المدنيّ، ثقة [٦] ١١/ ١٢٠١.

[تنبيه]: وقع في "نسخ "المجتبى" المطبوعة هنا "ثور بن يزيد"، وهو غلطٌ، والصواب "ثور بن زيد"، كما هو الموجود في النسخة الهنديّة، وتقدّم مثل هذا، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

٥ - (أبو الغيث مولى ابن مطيع) سالم المدنيّ مشهور بكنيته، ثقة [٣] ٧٨/ ٢٥٧٧.