للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يجوز به البيع، فجازت به الإجارة، كما لو عُلم قدره. والثاني: لا يجوز؛ لأنه قد ينفسخ العقد بعد تَلَف الصبرة، فلا يَدرِي بكم يَرجع، فاشتُرِط معرفة قدره، كعوض المسلم فيه، والأول أولى. قال: وكلّ ما جاز ثمنًا في البيع جاز عوضًا في الإجارة؛ لأنه عقد معاوضة أشبه البيع، فعلى هذا يجوز أن يكون العوض عينًا، ومنفعة أخرى، سواءٌ كان الجنس واحدًا، كمنفعة دار بمنفعة دار أخرى، أو مختلفًا، كمنفعة دار، بمنفعة عبدٍ، قال أحمد: لا بأس أن يكتري بطعام موصوف معلوم. وبهذا كلّه قال الشافعيّ، قال اللَّه تعالى عن شعيب - عليه السلام - أنه قال: {قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} الآية [القصص: ٢٧]، فجعل النكاح عوض الإجارة. وقال أبو حنيفة فيما حُكي عنه: لا تجوز إجارة دار بسكنى دار أخرى، ولا يجوز إلا أن يختلف جنس المنفعة، كسكنى دار بمنفعة بهيمة؛ لأن الجنس الواحد عنده يُحرّم النَّسَاء. وكره الثوريّ الإجارة بطعام موصوف، والصحيح جوازه، وهو قول إسحاق، وأصحاب الرأي، وقياس قول الشافعيّ؛ لأنه عوضٌ يجوز في البيع، فجاز في الإجارة، كالذهب والفضة، وما قاله أبو حنيفة لا يصحّ؛ لأن المنافع في الإجارة ليست في تقدير النسيئة، ولو كانت نسيئة ما جاز في جنسين؛ لأنه يكون بيع دين بدين. انتهى كلام ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- (١)، وهو كلام نفيسٌ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أثر أبي سعيد - رضي اللَّه عنه - هذا ضعيفٌ؛ لانقطاعه؛ لأن إبراهيم لم يلق أبا سعيد الخدريّ - رضي اللَّه عنه -، انظر ترجمته في "تهذب التهذيب" ١/ ٩٢ - ٩٣.

وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- من بين أصحاب الأصول، أخرجه هنا- ١/ ٣٨٨٤ - وفي "الكبرى" ٣/ ٤٦٧٣. وأخرجه أبو داود في "المراسيل"، مرفوعًا، بلفظ: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عن استئجار الأجير حتى يُبيّن له أجره". وأخرجه (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ١١٧١ أو ١١٢٥٥ و ١١٢٧٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٨٨٥ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ, قَالَ: أَنْبَأَنَا حِبَّانُ, قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ, عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ, عَنْ يُونُسَ, عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلَ, حَتَّى يُعْلِمَهُ أَجْرَهُ).


(١) "المغني" ٨/ ١٤/ ١٥.